الدكتور علي بن صالح العماري - المشرف العام على فرع الجامعة بجدة
اكتسب التعلم الالكتروني زخما كبيرا كنتيجة لجائحة كورونا حيث أجبرت الجائحة ملايين المعلمين حول العالم على توظيف التعلم الإلكتروني والتعامل مع ادواته المختلفة لضمان استمرار العملية التعليمية. وفيما كان هناك العديد من الباحثين والمعلمين يرون ان التعلم الالكتروني اقل كفاءة من التعليم التقليدي وجها لوجه، اثبتت الجائحة ان المرونة والفعالية التي يتمتع بها هذا النمط من التعليم تمكنه متى ما تم توظيفه بالطريقة الصحيحة بان يكون بنفس مستوى جودة التعليم التقليدي ان لم يتفوق عليه. وهذا ما حدا بوزارة التعليم ان تتبنى التعلم الالكتروني كخيار استراتيجي للتعليم بالمملكة فيما بعد الجائحة. الا انه ولضمان الاستفادة المثلى من هذا النمط التعليمي الحديث فلابد من التركيز على الجودة.
فالجودة كما يرى العديد من الخبراء سيكون لها القول الفصل في تعزيز انتشار واستمرارية التعلم الالكتروني. وعلى الرغم من الجدل المستمر حول التعريف الأمثل للجودة في التعلم الالكتروني فهناك شبه اجماع على أربعة عوامل لها التأثير الأكبر على الجودة وهي: بيئة التعلم، المتعلمين، المادة العلمية ومخرجات التعلم. ويقصد ببيئة التعلم هنا نظام إدارة التعلم الالكتروني وكذلك البيئة الاجتماعية التي تحدث فيها عملية التعلم. فمن الضروري عدم ترك الطالب يشعر بالعزلة خلال عملية التعلم وذلك عن طريق تضمين أنشطة التعلم التعاوني باستخدام الأدوات الالكترونية التي تمكن الطلبة من التفاعل مع بعضهم بشكل فعّال. ويجب جعل مثل هذه الأنشطة أحد معايير قياس جودة المقررات الالكترونية.
وفيما يخص المتعلمين فمن الضروري تعزيز استقلالية المُتعلم من خلال تسليمه مسؤولية تعلمه واكسابه المهارات والأساسيات اللازمة التي تساعده في التحكم بوتيرة التعلم وتقييم جودة مسار التعلم الخاص به. وبالنسبة للمادة العلمية فمن المفترض ان يتم تصميمها وعرضها للمتعلمين وفق أحدث المعايير والطرق التي اثبتت فعاليتها. فعلى سبيل المثال ينبغي الاستعانة بفيديوهات تفاعلية يتم تطويرها خصيصا لبيئة التعلم الإلكتروني. كما ينبغي الحرص على ان تكون هذه الفيديوهات قصيرة تركز على مفهوم معين.
وكما انه في بيئة التعليم التقليدي يتم محاسبة الطلبة على غيابهم فمن الضروري التأكد من اطلاع الطلبة على المحتوى الإلكتروني الذي يقدم لهم واخذ كل ذلك بعين الاعتبار عند قياس جودة المقرر. أخيرا وفيما يتعلق بمخرجات التعلم فكما هو الحال في نمط التعليم التقليدي، ينبغي صياغة مخرجات التعلم الإلكتروني بحرص لتعكس المعارف والمهارات اللازمة لاجتياز المقرر. ويجب أن تكون هذه المخرجات واضحة قابلة للقياس بحيث يمكن استخدامها لتحديد مدى تحقيق الطلبة لهذه المخرجات. ومن المفترض ارتباط كل ما يتم تقديمه للطلبة في بيئة التعلم الإلكتروني سواء من محتوى او أنشطة بهذه المخرجات.