أعتقد أننا كسعوديين أصبحنا ندرك حجم الهجمات، التي يتعرض لها بلدنا لأسباب لم تعد تخفى على كل لبيب. السؤال الأهم في هذا السياق، كيف لنا كسعوديين أن نتعامل معها بصورة حضارية بحيث نشكل ضغطا مجتمعيا للدفاع عن قضايانا الوطنية.
هناك عدة طرق يمكننا توظيفها لتحقيق هذه الغاية، منها توظيف التطبيقات، التي تتيح للعميل إظهار رأيه مسموعا ومرئيا ومكتوبا، بل إن صوت العميل ورأيه وتقييمه من أهم معايير اختيار كثير من الخدمات كخدمات الفنادق وغيرها. لذا، فالسؤال في هذا السياق، هل بالفعل أحسنا توظيف استخدام التطبيقات الحديثة لخدمة قضايانا الوطنية؟ فمثلا، حجوزات الفنادق أصبحت تتم عبر تطبيقات ومواقع تتيح لكل عميل إمكانية تقييم الفنادق، التي يقطنها، مباشرا. فلو جعلنا جزءا من تقييم الفنادق، التي نقيم فيها للتعبير عن مدى رضانا على القنوات، التي تبثها وتمثلها لنا كسعوديين، خصوصا في حالة كانت تلك الفنادق تبث قنوات أخرى باللغة العربية ولكنها لا تمثلنا، وإنما تمثل الإعلام المعادي فقط؟
فتقييم القنوات الفضائية مرتبط بمحور الخدمات (facility)، كما يمكن الإشارة في محور الإيجابيات والسلبيات الموجود في نهاية التقييم. فبالإمكان ذكر، من ضمن السلبيات، عدم وجود قنوات تمثل اهتمامنا كنزلاء للفندق مع وجود قنوات تمثل إعلاما معاديا لنا. الأهم أن يكون التقييم ليس على أساس وجود قنوات معادية لكون تعدد الخيارات مطلوبا لتعدد الشرائح المستهدفة من البث، وجزء من الحرية المكفولة نظاما، لكن يجب أن يكون التقييم مبنيا على أساس عدم وجود قنوات تمثلنا وتتناغم مع اهتماماتنا كنزلاء في الفندق مع كونها تبث قنوات معادية لنا.
فالتقييم يتيح لنا إبداء الرأي باهتماماتنا، التي من ضمنها وجود قنوات تمثلنا. فالفنادق تحرص على أن تلبي متطلبات الشريحة الأكبر من النزلاء لكن ليس من حقها احتكار البث للقنوات المعادية مع وجود نزلاء لهم اهتمامات أخرى، خصوصا أن هؤلاء النزلاء يشكلون أكثرية عديدة عند مقارنتهم بالشريحة الأخرى، التي قد تهتم بالإعلام المعادي.
الإحصائيات الرسمية تقول إن 16 مليون سعودي سافروا خارج السعودية خلال عام 1438. فلو افترضنا أن 20 في المائة شاركوا في تقييم الفنادق، التي يرتادونها، لأصبح لدينا أكثر من ثلاثة ملايين رسالة سنويا داعمة لقنواتنا الفضائية ومستنكرة في الوقت نفسه بث قنوات الإعلام المعادي.
أعتقد أن تبني مثل هذه الاستراتيجية سينعكس إيجابا على نوعية القنوات، التي تبثها الفنادق، خصوصا الموجودة في أوروبا وشرق وجنوب آسيا وأمريكا وغيرها.
سبق وأن قلت إن لدينا مميزات قلّ أن تجتمع في دولة واحدة ونحتاج إلى توظيفها بالشكل الأمثل وهي القوة المالية، والكثافة السكانية، وجودة الكفاءة البشرية. لا شك في أن رأي الأفراد أقوى أثرا من الإعلام الرسمي لكننا بحاجة إلى تبني آلية شعبية تحقق هذا الهدف، خصوصا أننا كسعوديين نتفق على أهمية احترام رغباتنا واحترام بلدنا في أي مكان نقيم فيه ونسافر له.
وصلني من بعض المتابعين قناعتهم بأهمية المشاركة بكل ما يعكس صورتنا الحقيقية إعلاميا، لكن في الوقت نفسه عبروا عن عدم قناعتهم بقدرة إعلامنا المحلي في الوصول إلى الآخر. أعتقد أن ما أطرحه هنا لا يتعارض مع حاجتنا إلى إعادة هيكلة لغتنا الإعلامية، خصوصا أن لغتنا الإعلامية لم تتعد إطارنا المحلي فقط، فضلا عن أن تصل لمن لا يشاركنا فهم لغتنا العربية، كما أن الدور الشعبي قد يكون أكثر تأثيرا في الدفع عن القضايا الوطنية من الإعلام التقليدي.
ختاماً، لا شك في أننا سفراء لبلدنا قبل أن نكون سياحاً في أرض الله الواسعة، فبمشاركة محدودة قد نسهم في تسجيل موقف يخدم بلدنا وتطلعاته، التي هي جزء من تطلعاتنا، فهل نشارك بإيجابية في دعم هذه المبادرة؟
منشور على صحيفة الاقتصادية عبر الرابط: http://www.aleqt.com/2019/07/16/article_1638161.html