Home | Jisr News

الإبـــداع

أ.سليمان بن صالح المطرودي

تغريدة:

"‏‏الإبداع هو ... تحقيق الإنجاز المألوف، بطريقة غير مألوفة".

كثيرٌ هم من يتحدثون عن: الإبداع! ... وقليل هم: المُبدعون!

وهذا لأن لكل فكرة زوايا مختلفة لرؤيتها، وغالب الناس ينظرون إليها من زاوية واحدة، وربما تزاحموا لرؤيتها من نفس الزاوية، والمبدع هو من يبحث عن زاوية الرؤية المناسبة لها، لرؤيتها بشكل أوسع وأوضح من زوايا مختلفة والإحساس بها، وصولاً إلى القدرة على الإتيان بأمر جديد ومختلف بشكل عام عن غيره، بدوافع ذاتية داخلية، أو خارجية، أو مادية ومعنوية، أو غيرها من الدوافع التي تدفع الفرد أو المجموعة للعمل الإبداعي.

ومن التعريفات للإبداع، أنه: التميز في العمل أو الإنجاز بصورة تشكل إضافة إلى الموجود، بطريقة تعطي قيمة أو فائدة إضافية.

وهناك العديد من التعريفات للإبداع ومفهومه، وليست محل اتفاق بالمجمل.

يقول الكاتب/ وليام بلومر: (الإبداع هو القدرة على ربط الأشياء التي تبدو كأنها غير مترابطة).

الحديث عن الإبداع أصبح اليوم شائعًا في كافة المجلات وفي كل مكان ومن كل متحدث، بل صار مشروع تسويق للكثيرين لمشاريعهم وبرامجهم بأنها إبداعية، وخاصة المدربين والمؤسسات التدريبية لجذب العملاء تحت مظلة الإبداع.

والمبدع غالبًا يتملك صفات تميزه عن غيره، تجعل دوافع الإبداع لديه أكثر من أقرانه، ومن هذه الصفات، الثقة بالنفس، واليقظة، والاجتهاد والانهماك الزائد والمفرط بالعمل، وحب العمل والانتماء له، والحرص على التعلم والانفتاح على الخبرات الجديدة، والقدرة على التنظيم، والقدرة على الحدس وسرعة البديهة، والأمانة والشجاعة والصراحة والجرأة والإقدام والمثابرة والتعاطف مع الآخرين.

كما أن المبدع يتصف بالحاجة إلى الدعم والثناء والتشجيع، ويبحث عن التشويق والإثارة، ويعاني المبدع غالبًا من التوتر وسرعة الانفعال، والحساسية الزائدة، والحماس والتسرع، ويكون مشغول الذهن بالتفكير والتخطيط لما ينوي القيام به من أعمال.

والمبدع يحرص دائمًا على تقديم المبادرات، ويتمتع بإنتاج ضخم من الأعمال الإبداعية، ولدية قدرة على التفاعل مع الأفكار الجديدة والأصيلة، ويقدم الأفكار الجديدة لحل المشكلات.

للأسف أن بعض المنظمات تتوجس من المبدع، أو بالأصح "بعض القيادات الإدارية" يضعون في طريق المبدعين العديد من المعوقات التي تحول بينهم وبين احتوائهم واستثمارهم بشكل إيجابي، ينعكس إبداعيًا على مخرجات المنظمة الداخلية والخارجية.

وغالب أسباب هذا التوجس، تكمن بالرغبة في المحافظة على أساليب وطرق الأداء التقليدية المعروفة لديهم بعيدًا عن التغيير، أو الحفاظ على مواقعهم الوظيفية، والمحافظة على ما يتمتعون به من امتيازات، خوفًا من انكشاف قدراتهم أمام هذا المبدع، ويعللون ذلك بغطاء الحفاظ على المصلحة العامة، وأنه يستلزم نفقات إضافية، تثقل كاهل المنظمة ماليًا، أو أنه غير متخصص، أو أنه لا يحمل مؤهلات تؤهله لمثل هذا الطرح، وغيرها من الحجج الواهية.

ويعمدون إلى ممارسات إدارية تؤثر على العملية الإبداعية في المنظمة، من خلال تسكين الموظف في وظيفة غير مناسبة لتخصصه وقدراته مهاراته وخبراته، أو عدم إعطاء الموظف الفرصة في تنفيذ المهام المسندة إليه بطريقته الخاصة، مما يؤدي به إلى الإحباط، وعدم تنمية الحافز الإبداعي الذاتي لديه.

كما يعمدون إلى عدم العدل في توزيع المهام، أو المكافآت المالية، أو الفرص التدريبية، أو الحوافز المعنوية.

بل من القيادات الإدارية الذين يتحسسون من المبدعين والمتميزين من يلجأ للتهميش، وتجاهل الموظف المبدع، ولا يسند له مهام، أو يسند له مهام هامشية لا ترتقي لمهاراته وقدراته وخبراته، حتى يصل لمرحلة العزوف عن العمل الروتيني فضلاً عن الإبداعي.

أي منظمة تتوق للإبداع، وأي مسؤول وقائد يطمح لجذب المبدعين، عليهم أن يحتضنوا المبدعين، وأن يدعموهم ويشجعوهم ويشجعوا مجهوداتهم الإبداعية الناجحة وغير الناجحة، لتحفيزهم على الاستمرار في الإبداع، وإيقاد الدوافع الداخلية الذاتية لديهم للإبداع، فسر إبداع المنظمة ونجاحها يبدأ من الموظف المبدع، لا من القيادي المبدع، فإبداع القيادي بدون القاعدة العظمى من الموظفين، تأثيره الإبداعي محدود، فمن خلال إبداع الموظفين فإنه يتوقد الجميع لتشتعل المنظمة إبداعًا.

دعم المنظمة وتشجيعها للموظفين على الإبداع، وتسخير كل الإمكانات لهم، وتذليل أي عوائق تقف في طريقهم، يقود للإبداع من خلال وضع أنظمة ولوائح وقيم، تعتني بالإبداع والمبدعين وأعمالهم الإبداعية داخل المنظمة، وبناء منظومة تُعنى بالإبداع المؤسسي، ضمن هيكلة المنظمة الإدارية، لترتقي المنظمة خارجيًا بالإبداع.

الحديث عن الإبداع يجب أن يكون واقعًا عمليًا.

ويظل الإبداع هو ركيزة الإنجاز التي تتميز بها المنظمة عن غيرها.

ولنعلم أن الإبداع، هدف ذو قيمة عالية، لا يدركه ولا يستشرفه إلا القيادات الإبداعية الناجحة.

الأكثر مشاهدة

ألبوم الصور

ما رأيك في التصميم الجديد لموقع صحيفة جسر؟