Home | Jisr News

الإنــجـــــاز


أ.سليمان بن صالح المطرودي

 

تغريدة:

"‏‏الإنجاز يُشعرك بكينونتك، وأن لك بصمة في سلم المجد ... ‏فكثير من المنجزات كانت أحلامًا، وصارت دُرة بعد تحقيقها، ‏وحياتنا تخلو من كثرة المنجزات؛ لأن خلف أي إنجاز: ثقة بالنفس، وبذل، وصبر، ورؤية وأهداف واضحة، وخطط قابلة للتنفيذ، وتحدي ومخاطرة ... ‏وقبل هذا: همة عالية".

‏كثيرٌ هم من يتحدثون عن: الإنجاز!

وقليلة هي: المُنجزات!

وهذا لأن لكل مطبخ طباخه الخاص به، ولكل طبخة مقاديرها، وتركيبتها الخاصة التي تؤدي إلى جودة مذاقها، وطيب نكهتها، ولن يتمكن أي فرد من أفراد المطبخ القيام بطهي هذه الطبخة ما لم يكن عارفًا لمقاديرها ومكوناتها، ولم يكن ملمًا بخطوات تحضيرها، وصولاً إلى تقديمها، ولكن لكل فرد من أفراد هذا المطبخ دور يمكن أن يقوم به، تحت إشراف "الشيف" المتخصص بهذه الطبخة، فالإنجاز ليس إعجازًا، بل هو قدرة ومهارة.

وهكذا هو الحال في كل شؤون الحياة، وقيل: "أعطي الخبز لخبازه ولو أكل نصفه" إذ أن قيام المتخصص والعارف بالعمل، بوابة لنجاح هذا العمل، وإن لم يعجبك شكله، وقيام غيره به وإن أعجبك شكله، أو كان ذو شهادة ومكانة أو مال وجاه، لكنه غير متخصص في هذا المجال، حتمًا سيفشل ويحقق "الانتكاسة" بدلاً من "الإنجاز" المنشود.

أي منظمة ومنشأة إدارية تتوق لتحقيق المنجزات والنجاحات، وهذا لن يتأتى إلا بالبناء الصحيح لمنظومة المنظمة الإدارية، من خلال بناء هيكل تنظيمي صلب ومتين، وتحديد المهام، وتوزيع الصلاحيات بشكل سليم، ليعرف كل فرد عامل في هذه المنظمة مكانه ودورة وواجباته من خلال المهام المناطة به، ومعرفة رسالة ورؤية وأهداف المنظمة التي ينتمي لها، واطلاعه وإلمامه بالخطة التنفيذية الرامية لتحقيق تلك الأهداف.

الجعجعة بتحقيق المنجزات يطفئها الواقع، فكم من متسلق على الإدارة والقيادة، صرح وتحدث كثيرًا عن صناعة المنجزات، وعند الموعد المحتوم ينطبق عليه المثل الدارج (تمخض الجمل فولد فأرًا) وليته فأرًا سليمًا؛ بل خداج ومشوهًا، فقد كان بقية إنجاز ليس له فيه يد.

لنحقق أي إنجاز، علينا أن نخطو خطوات واثقة متتابعة، للوصول للهدف؛ وإن طال المسير داخل النفق، ما دمنا نسير في الاتجاه الصحيح، وفي اتجاه الضوء لا عكسه.

فقد تأمل أحدهم كلمة "إنجاز" ووجد خلف أحرفها (الخمسة) أسرار رائعة، وهي:

1 – (الألف) رمز للإرادة والانطلاق والإصرار والإتقان والإقدام.

2 – (النون) رمز للنية الصافية والصالحة والنظام والنماء والنصر والنجاح.

3 – (الجيم) رمز للجرأة للوصول للهدف.

4 – (الألف) رمز للهدف والأولويات والأفضل والأسمى والأجمل.

5 – (الزاي) رمز للزهو والزيادة.

ومتى تأملت مكونات هذه الكلمة استطعت رسم خريطة طريق تسير عليها لتصل لتحقيق الهدف وإنجازه.

في كثير من الأحيان نشعر بأن الوقت لا يكفي لإنجاز المهام المطلوبة منا، وذلك لأننا نختزل العمل في محيطنا فقط، ونعمل بجد، ولا نعمل بذكاء إداري، فالذكاء الإداري يتطلب الدمج بين الجد والكفاءة والذكاء، لتحقيق الإنجاز، والخطوات والعوامل المؤدية لذلك كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:

• تحديد الهدف، والتركيز عليه، بعيدًا عن الانشغال بأمور أخرى.

• وضع خطة عمل واقعية قابلة للتنفيذ.

• تحديد برنامج زمني لتنفيذ كل مرحلة من مراحل خطة العمل، وتحديد محطات لمراجعة الخطة والبرنامج الزمني، مع الأخذ بالحسبان بالعقبات التي قد تواجهنا خلال مرحلة التنفيذ.

• الاستعانة بالكفاءات الإدارية المتميزة، والجديرة بالثقة لتولي تلك الأعمال وإنجازها باحترافية عالية، وإعطاء من دونهم الأدوار الثانوية والروتينية.

• تفويض الأعمال والمسؤوليات، وتوزيعها بين أعضاء فريق العمل، وتوكيل الشخص المناسب بالمهمة المناسبة له والقادر على إنجازها بحب ورغبة، وهو قادر على القيام بها.

• التركيز والعناية بالعمل المراد تنفيذه، دون تعدد المهام والأعمال، حتى لا تشتت التركيز والقدرات.

• العمل وفق أوقات عمل وفترات راحة محددة، لأن العمل المتواصل ودون فترات راحة يفقد التركيز والقدرة على متابعة إنجاز العمل، بسبب التعب والإرهاق.

• العمل وفق الموارد المتاحة، واستغلالها الاستغلال الأمثل.

• تقبل الأخطاء والعمل على معالجتها، وعدم تركها حتى تتراكم وتتفاقم وتتحول لمشكلات تحول دون إتمام المسير.

• الاهتمام بالتنظيم وتهيئة بيئة العمل، بما يكفل تجنب الوقوع في الأخطاء، أو حدوث المشاكل، خاصة بين فريق العمل، الذي يجب العمل على حسن اختيارهم والحرص أن يكون متجانسًا ومتفاهمًا ومتعاونًا.

• كن مبادرًا ولا تكن مؤجلاً، خاصة إذا كانت المهمة صعبة وشاقة، وهنا يجب تفتيت المهمة الصعبة إلى مهام صغيرة وسهلة، ليسهل إنجازها والتغلب على مشقتها.

وغير ذلك من الخطوات والمهام التي كتب وألف حولها العديد من الكتب والدراسات والنظريات، التي تناولت الجوانب التي تؤدي للإنجاز.

تجاوزت الخطوات التي تؤدي للإنجاز مئات الخطوات الإدارية والمالية والفنية والتقنية والاجتماعية والتعليمية والتدريبية والسلوكية، وغيرها من الخطوات التي تؤدي إلى تحقيق الإنجاز والنجاح.

الإنجاز ليس حبرًا نسكبه على ورق، ونرفعه للمسؤول في نهاية العام على هيئة تقارير وإنجازات وهمية، إن لم تكن إنجازات حقيقية، تكشفها الأرقام والمقارنات والبيانات الحقيقية التي تحدد الأهداف، والبرامج وخطط العمل التي نفذت لتحقيقها، وقياس أثر ذلك على الفرد والمنظمة، وتأثيره على رؤية ورسالة وأهداف المنظمة بشكل إيجابي، وإلا فكل ما يقدم هو إخفاقات وهدر ينعكس سلبًا على المنظمة والعاملين فيها، إذا أن المنظمة لبنات من شعب ووحدات وأقسام وإدارات، لكل منها دور أساسي ومحوري، حسب حجمها وما هو مطلوب منها إنجازه من مهام، وأي إخفاق من أي واحدة منها سينعكس سلبًا ويكون خللاً في بناء المنظومة، ويظهر عيبًا في هيكل البناء، يسبب تلوثًا بصريًا وسمعيًا للمنظمة من الداخل والخارج، وهدرًا لا يُغتفر على مختلف الأصعدة.

ويظل الإنجاز هو المحك الحقيقي لكل قائد ومدير، هل هو كذلك؟ أم هو من مدعي القيادة والإدارة؟

ولنعلم أن النجاح والإنجاز، دونهما عقبات وطريق طويل، لا يصمد فيه إلا المثابر والقادر على الثبات.​

الأكثر مشاهدة

ألبوم الصور

ما رأيك في التصميم الجديد لموقع صحيفة جسر؟