بعيدًا عن تلاكُم الآراء بين مُجيزي وصف "العُطلة" وبين الماقتين لها.. وبين المُحبّين لوصف "الإجازة" وبين المُهملين لها.. عدا عن أولئك الذين لم يعبؤوا بهذه أو تلك! إلا أنني أكاد أجزم بأنه لا اختلاف بين الناس حول فرحهم بالإجازة.. سواءً كنت رئيسًا تنفيذيًا لأكبر شركة عالمية أو كنتَ طالبًا في أولى خطواتك الدراسية.. الفرحُ بالإجازة حقٌّ واستحقاق، وبهجةٌ وانطلاق.. السؤال هو: من أي شيء ننطلق؟ وإلى ماذا نتّجه؟
واسمحوا لي بأن أضيّق مساحة الإجابة بتقليم فروع السؤال.. وسأحصره في شريحة واحدة: الطالبات والطلاب الجامعيين. قد لا نختلف في أن فرحنا بالإجازة متعلق بتحرّرنا من قيود الالتزامات المختلفة: محاضرات، واجبات، تكليفات، اختبارات... إلخ. ويبقى الجانب الآخر من السؤال: إلى ماذا نتجه؟
في إجابة هذا السؤال تكمن الاختلافات ويتمايز الناس.. لذلك تجد مَن تستوي عنده الإجازة بأيام الدراسة، فهو لم يتعب أساسًا ليطلب الراحة، وهذا النوع لا يفرح بالإجازة كثيراً إلا إذا ارتبطت بأمور أخرى لا تتعلق بالتزامات الدراسة؛ لذلك هو يتّجه بلا بوصلة!
وهنالك نوع آخر تعني له الإجازة شيئًا كثيرًا وكبيرًا.. فيعتبرها مكافأة لتعبه وسهره، لذلك هي تُفرحه وتُريحه وتُعدّه للنشاط الجديد، وهذا النوع هو مَن وُضعت الإجازة من أجله، وهو مَن يقدّرها حق قدرها ويعرف التعامل معها ويُدرك تمامًا إلى أين يتّجه.
هل هنالك نوع ثالث يتعامل مع الإجازة بشكل مختلف؟.. أعتقد أن الإجابة: نعم! فقد لاحظتُ شريحةٌ من طلبة الجامعة يتعاملون مع الإجازة بشيء من الغرابة!.. فهم -علاوة على تعبهم أثناء الدراسة- يُجدّدون هذا التعب أثناء الإجازة، وكأن بينهم وبين التعب عَقدٌ زاخرٌ بالقواعد الآمرة التي لا مجال للاتفاق على ما يخالفها!.. فتجدهم في إجازتهم يتناقشون حول جميع أمور الجامعة ولا تتراجع في عقولهم مساحة التفكير بالدراسة قيدَ أنملة.. وفي رأيي أنهم يقسُون على أنفسهم كثيرًا ولم يُعطوها حقها من الاستجمام.
هل هنالك نوعٌ رابع؟ ربما.. وسأتركه لحصافة القارئ.
ختامًا.. يا لَه من حكيم حاذق مَن قال: "في زاوية صغيرة بين الرغبة وعدم الاهتمام، أنشأت لنفسي حياة لا بأس بها".