رثاء شاعر فقد وطنه، فعندما نرى هذا الحزن الدفين والأسى المرير يتأكد لنا بأن الوطن نعمة عظيمة، لا يعرف قيمتها الا من سلبت منه من الشعوب، فهو أكبر من مجرد بقعة، وأعمق من فكرة حد في مساحة جغرافية، أن تنتمي للوطن ما يعني أنك ذا قيمة، وأن هناك من تلجئ إليه إذا تاهت بك الدروب، يعني أن هناك من يذود عنك دون أن تشك بإبرة، يعني أن هناك من يستحق التضحية لأجله، يعني أنك تملك هوية، ففاقد الوطن فاقد الهوية.
كيف ونحن نملك وطنًا ليس كسائر الأوطان، فهو قبلة المسلمين، وملاذ الخائفين، وهي البلاد التي اختارها الله أن تختم فيها الرسالة، وأن تنطلق منها إلى العالمين. ونحن الآن نعيش ذكرى ولادة هذا البلد العظيم، فهي مناسبة خاصة ارتبطت بوجدان كل سعودي، بل كل مسلم وكل من عاش فيها ولامس هذا الحضن الكبير. وتجد أن العامل المشترك بيننا هو الارتباط الكبير بها، تجد أن المشاعر تتدفق نحوها بلا توقف، فالحب الذي نشعر به تجاهها كبير للحد الذي نفقد فيه السيطرة.
فكلما تجددت هذه الذكرى تملكنا ذلك الفخر الذي تعجز أن تستوعبه الأوراق والأحبار؛ لأننا ننتمي لبلد المنجزات والمعجزات، فنجد أن المشاعر يصعب أن تختزل في كلمات أو أن تحصر في عبارات، فهو البلد الذي هوت أفئدة الناس إليه فكيف بمن ينتمي إليه.
جارالله المري - كلية الحوسبة المعلوماتية