أحمد خالد الخلف - رئيس نادي الإعلام الرقمي - طالب إعلام رقمي
ما أن ينهي الطالب تعليمه العام ويتجه نحو عتبة جديدة في سلم العلم والمعرفة حينها تساوره الأفكار وتعددية الاختيار التي تدفعه ليضع موطئ قدمه في مسار تخصص جامعي قد يكون مرهوناً بحصوله على وظيفة لطالما حلم بها.
هنا يتوقف الوقت للتحديد نقطة الفصل في الاختيار ليضفر بتخصص جامعي ما، قد يكون له مفتاح التفوق والنجاح، فالكثير من الطلاب اليوم يرى وثيقة التخرج الجامعي مفتاحاً لوظيفة الاحلام، ويرى الموظف على صعيد آخر إنها أولى خطوات تدرجه الإداري وترقياته العملية، وعلى النقيض من هذا كله من اعتبرها وجاهة اجتماعية في محيط يصنف الخريج الجامعي بالمتعلم المثقف، قد تكون وضعته الصدفة في أسر هذا التخصص وأصبح غريقاً بمناهجه وصعب عليه تجاوزها والنجاح، وبين هذا وذاك من اختار تخصصاً أعجب باسمه لا يدرك عمق تفاصيله فقط من اجل اسمه تخصصه الرنان، وربما نجد طالباً يختار تخصصه بمنطق وادراك، فهو باحث عن وثيقة التخرج دون اكتراث لتخصصه وفحواه، فيبحث عن أسهل التخصصات ساعياً في تجاوز السنوات الأربع بتقدير مقبول أو أقل منه إذا لزم الأمر، الأهم الحصول على الوثيقة بأي طريقة كانت.
كن طالبا جادًا لنفسك ادرس رغباتك وميولك لتحقق بها نجاحاتك..
يقول ألبرت آينشتاين (الطالب ليس وعاء عليك ملؤه، بل شعلة عليك أن توقدها)..
ولكن من بين جميع هؤلاء هناك طالب نبيه، يملؤوه الشغف والفضول والبحث، لا يكتفي بما هو في كتب ومقررات الجامعة، بل يقارن بينها وبين المنشور خارج الإطار الجامعي، يتابع التحديثات والتطورات في شتى المجالات ليصيب هدفه باختيار التخصص الجامعي الانسب، فالسنوات الأربع بالنسبة له رحلة ممتعة بكل تفاصيلها، كل محاضرة هي وجبة معرفية دسمة، كل معلومة يضيفها لرصيده يثري بها مخزونه العلمي، كل تكليف ينجزه هو حالية بحثية دراسية خاصة يبحث في المراجع ثم يصنفها كمشكلة فيضع لتساؤلاتها ويطلع على الدراسات السابقة من ثم يهم بترتيب النتائج، تجده يتذمر من تأخر المحاضر، وينتقد عضو هيئة التدريس عندما لا يتفاعل، يشارك زملائه، ويدعم ويسعى لمنافستهم، لا تهمه الدرجات ويهمه التجربة العلمية والفائدة المعرفية.
قد يتساءل البعض هل هناك طالب بهذه المواصفات؟
هل هناك طالب قادم من المدينة الفاضلة لأفلاطون؟
أعتقد أن الطالب الجامعي اليوم هو خليط من التناقضات، متعدد الأهداف والدوافع، أحلامه وطموحه متشابه مع أقرانه من حيث المبدأ، مثالي ومتفوق تارة، وباحث عن الوثيقة تارة اخرى، يهمه المعدل في ذلك المقرر، ويبحث عن النجاح في مقرر آخر، قد يسلك بعض الطرق غير المشروعة، يقتبس من (جوجل) وينسخ من (شات جي بي تي) ولكنه في نهاية الأمر يبذل مجهوداً قد يكون أقل من غيره، ولكنه جهده ومسعاه، ينسى الكثير مما تعلمه بعدما يتجاوز المستوى إلى أعلى منه، يتفاعل ويشارك مع زملائه، وانطوائي ومنعزل أحياناً.
إن إدراك أعضاء هيئة التدريس لكل هذا التنوع في شرائح الطلاب يسهم بشكل كبير في التعامل معهم، ودعمهم في العملية الجامعية، فالطالب يرى في محاضر المقرر طوق النجاة له، اشبه ما يكون بتطبيق الـ(GOOGLE MAP ) الذي سيوصله إلى وجهته التي يبحث عنها، فمن غيره ستجده يسأل المارة كيف الوصول الى تلك الوجهة، وستجد غريباً يشير له بأن يضع الشمس على حجاجه الأيسر، ثم يتخذ الطريق المنحدرة بعد المحطة التالية، وبرأيي أن المحاضر يقع على عاتقه الجزء الأكبر في توجيه الطالب إلى أن يكون شغوفاً باحثاً، وتحويله من طالب غير مكترث إلى طالب أفلاطوني.