تأسيس الفخر.. وفخر التأسيس
عبد الرحمن بن صالح الحمادي – العلوم والدراسات النظرية - قانون
إنني لا أبالغ حينما أقول: إن ما حدث في الدرعية في النصف الثاني من عام 1139ه كان منعطفاً تاريخياً يقف فيه الإمام محمد بن سعود جنباً إلى جنب مع القادة التاريخيين العظام الذين كانت لهم رؤية بحجم طموحاتهم حيث تتوغل نظرتهم البعيدة في عمق المستقبل، مستشرفين آفاقاً واسعة يؤسسون من خلالها دُولاً تحمل في بذورها كل مكونات الاستقرار والاستمرار.
إن هذه السلسلة من القادة والأئمة والملوك الذين تسري في عروقهم دماء المجد والرياسة لتمتد بهم دولتهم لأكثر من ثلاثة قرون، هو أمر لا يحدث هكذا صدفة وضربة حظ؛ بل هو عبارة عن اكتظاظ عناصر المعالي وحنكة السياسة وحكمة القيادة ومبادئ العدل وركائز الحُكم، فهذا الاستمرار الطويل الذي يزداد صلابة وتماسكاً وازدهاراً هو جديرٌ بالتأمل وأخذ الدروس منه والعبر.
وبعون الله تعالى، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- أمرَه التاريخي الكريم بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم يوم التأسيس، ليكون هذا الأمر الكريم بمثابة تذكير للأجيال الحالية والأجيال القادمة بأننا لسنا دخلاء على التاريخ، ولم نصل إلى هذا التوهّج الحضاري على أكتاف المصادفات واستثناءات القدَر، إننا نحن التاريخ ونحن بوصلته ونحن كل اتجاهاته!
ولعل أقل ما أقدمه لوطني العزيز هي أبيات من الشعر، قلت فيها:
إنا رُزقنا موطناً لا ينثني
|
|
مهما تَهدّدتِ الرياحُ رُباهُ
|
في ظلّ "سلمانٍ"، وعَون "مُحمدٍ"
|
|
بهما ومجدِهما حبانا اللهُ
|
ولقد أظلاّنا بوارف رؤيةٍ
|
|
بَعَثتْ مَراميَ شعبهم ومُناهُ
|
انظر.. ومتّع ناظريكَ بموطنٍ
|
|
أقصاه مبتهجٌ إلى أقصاهُ
|
وطنُ السعودِ مُخلّدٌ بشبابِهِ
|
|
فكهولةُ الأعوام لا تغشاهُ
|
وغصونُنا محظوظةٌ بنسيمِهِ
|
|
وجذورُنا محضونةٌ بثراهُ
|
لولاهُ -بعد الله- ما قرّتْ لنا
|
|
عينٌ، ولا طاب الكرى لولاهُ
|