الدكتور إبراهيم القاسمي
أستاذ الجودة الشاملة في الرعاية الصحية بكلية العلوم الصحية - قسم الصحة العامة
مفهوم التعلم ليس جديداً في المؤسسات التعليمية سواءً في التعليم العام أو التعليم الجامعي وعلى مستوى العالم. ففي الجامعات الامريكية والأوروبية والجامعات البريطانية تم تبني هذا النمط من التعليم من خلال تطوير وسائل التعليم بين المعلم والطالب خارج أسوار الجامعة. هذا النمط من التعليم يعرف بالنمط غير المتزامن بمعنى؛ عدم التقاء المعلم والطالب في نفس اللحظة، وترسل بعض المواد العلمية إلى الطالب من خلال البريد العادي.
في عصرنا هذا، تم تبني هذا النمط من التعليم من خلال تطوير الوسائل التعليمية التي تساعد الطالب على فهم واستيعاب المواد التعليمية شاملة وسائل التواصل الالكتروني مثل الفيديوهات والمراسلة الفورية والتواجد الحضوري اللحظي بين الطالب والمؤسسات التعليمية ممثلة بالمعلم، مع تحمل المتعلم مسؤولية كبيرة في البحث عن المعلومة وتحليلها وفهمها من خلال الوسائل التعليمية المتاحة في جميع مؤسسات التعليم في العالم.
الانتقال من النمط التقليدي، في التعليم والذي يرتكز على التلقين والحفظ ومحدودية وتكرار المادة التعليمية والاعتماد على المعلم والطالب فقط بدون وجود وسائل اتصال حديثة ومتطورة، إلى النمط الحديث أو نمط التعلم ليس بالأمر السهل ولا يمكن تبنيه من الجامعات المتأخرة عن الركب بين عشية وضحاها، حيث يتطلب ذلك من الجامعات تحسين وإصلاح العنصر البشري والمالي والتي تعتمد على بعض العناصر، منها:
أولاً: نشر ثقافة مفهوم التعلم والتعليم عن بعد لدى العاملين وأصحاب المصلحة ابتداءً من قيادة المؤسسة التعليمة مروراً بأعضاء هيئة التعليم والطلاب من خلال الدورات وورش العمل المكثفة.
ثانياً: ترسيخ مفهوم إدارة الوقت والانضباط الذاتي وتحسين مهارات التفكير لدى الطالب.
ثالثاً: تبني مفهوم الشراكة الخارجية والداخلية مع الجامعات العالمية الرائدة في مجال التعليم عن بعد والاستفادة مما وصلوا إليه لتلافي الأخطاء التي قد تحدث مستقبلاً.
رابعاً: تفعيل مهارات الاتصال الفعّال والملائم والذي يعد عنصراً أساسياً في التعليم الإلكتروني.
خامساً: تكوين فريق دعم فني قوي يتضمن ذوي الخبرة في مجال الحاسب الآلي والبرمجيات للتغلب على المشاكل التقنية التي قد تعيق سير التعليم الالكتروني والتعليم عن بعد.
وحيث أن الحديث عن التحول من التعليم التقليدي إلى نمط التعلم الحديث الذي مرتكزه التقنية وأهمية تسليط الضوء على التجارب الناجحة، لا يمكن أن نغفل عن تجربة الجامعة السعودية الالكترونية التي تعد منذ تأسيسها نموذجاً رائداً وفعالاً في التعليم المدمج والتواصل الالكتروني، سواءً المتزامن وغير المتزامن من خلال الاستفادة من مزايا منصة (البلاكبورد) التي تمتلكها والتي تعتبر حلقة الوصل المهمة بين المعلم والمتعلم في مجال التعليم الالكتروني، وشراكاتها الفاعلة مع الجامعات العالمية المرموقة في مجال التعليم الالكتروني وبناء البرامج الأكاديمية النوعية الموجهة لسوق العمل والذي انعكس إيجاباً على مخرجات الجامعة.
لا شك أن التقنية الحديثة ساهمت بشكل جوهري في الانتقال من نمط التعليم التقليدي إلى مفهوم التعلم الحديث في بعض المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها وبجودة مخرجات عالية، والذي بدوره سيسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.