أ.سليمان بن صالح المطرودي
تغريدة:
"بيئة العمل ... إما جاذبة وإما طاردة ... والفيصل الرغبة والتقدير والاحترام".
كثيرًا ما نسمع عن بيئة العمل، ويقصد بذلك المكان والتجهيزات والإمكانات المادية!
وقليل ما نسمع عن الركن الفاعل في هذه البيئة!
كما هو معلوم أن بيئة العمل يراد بها الموقع الفعلي للعمل، إلى جانب المحيط الحالي، مثل موقع البناء، أو مبنى المنظمة أو الإدارة، جودة الهواء، مستوى الضوضاء، مواقف السيارات، توفر التجهيزات والأثاث، وغيرها من الأمور التي تساهم في إيجاد بيئة عمل جيدة ومريحة للموظف.
وهناك اهتمام ببيئات العمل، وتصنيفاتها، والتعريف بها، وبأنواعها، ومكوناتها، وكل ما يتعلق بها "وهي ليست موضوعنا هنا".
ولكن ماذا عن الموظف نفسه؟ الركن الفاعل في بيئة العمل، فهو الأصل في مرتكز تكوين أي بيئة عمل، وماذا عن أبعاد بيئة العمل؟ فمتى كانت البيئة وأبعادها فاعلة ومريحة له، كان الموظف إيجابيًا وذو إنتاجية عالية.
حتى نحصل على بيئة عمل فاعلة، وذات أبعاد إيجابية، تنعكس إيجابًا على تحقيق الأهداف، والربحية التي تنشدها المنظمة، فإن هذا يتطلب العناية بالموظف، للرفع من كفاءته، وبالتالي زيادة إنتاجيته.
القائد الناجح يلتفت إلى أصغر الأمور المتعلقة بالموظف، ويعطيها جانبًا من الاهتمام، لأنه يعلم بأن ذلك سيكون له أثره وانعكاساته الإيجابية على أداء المنظمة ومكانتها، من خلال أداء الموظف وزيادة إنتاجيته.
فنجد القائد الناجح، يُطلع أعضاء الفريق العامل معه على سياسات المنظمة، وخططها وبرامجها وأهدافها، والتحديات التي تواجهها، وفرص التحسين الممكنة لأعمالها، وعوامل النجاح التي يجب على المنظمة الأخذ بها، وهذا بالطبع سيجعل أعضاء الفريق تحت المسؤولية، ويجعلهم يعملون من أجل تحقيق رؤية وأهداف المنظمة، وخلق فرص تحسين الأداء دون أي تردد، لشعورهم بالمسؤولية والثقة التي منحهم إياها القائد.
القائد الناجح، يجتمع مع الفريق العامل معه، لتحديد المجالات الممكنة للتطوير، والبحث عن المقترحات التي تؤدي لتحسين الأداء، ومناقشتها والأخذ بالمناسب منها، وتقويم ما هو دون ذلك، دون إهمال لأي منها.
يعتني القائد الناجح، بتطوير العلاقات بينه وبين الموظفين، وبين الموظفين أنفسهم، لما لتطور هذه العلاقات من جوانب إيجابية، تساهم في فاعلية الأداء.
يعتني القائد الناجح، بإسناد المهام المناسبة لكل موظف، مع مراعاة القدرات والمهارات والخبرات والكفاءات.
يعتني القائد الناجح، بتوفير الأجهزة والتجهيزات والآليات المناسبة لأعمال الإدارة، ومتطلبات الموظف، ومراعاة ظروفه الصحية والجسمانية، وتحقق له الصحة والسلامة داخل بيئة العمل.
يُراعي القائد الناجح، توزيع المكاتب، ومراعاة مجموعات الموظفين داخل بيئة العمل، وإعادة توزيع الأثاث لما يحقق مناطق عمل أكثر فاعلية، مع الحفاظ على الخصوصية الشخصية لكل موظف.
يهتم القائد الناجح، بالدعم المعنوي للموظفين، من خلال إبراز إنجازاتهم، وشكره عليها أمام الجميع، وكذلك تذكر المناسبات الخاصة به والتواصل معه من خلال التهاني ونحوها، مما يترك أثرًا طيبًا ومميزًا لدى الجميع عن مثل هذا الاهتمام.
القائد الناجح، يعمل مع فريق العمل على أساس التقدير والاحترام المتبادل، بينه وبين من يعملون معه وتحت إدارته.
يهتم القائد الناجح، بالعدل بين الموظفين، وإعطائهم الفرص المكافئة لكل منهم حسب جده واجتهاده وأدائه، بحيث يتم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب على الجميع بكل إنصاف.
القائد الناجح، يحرص على توفير الفرص التدريبية للموظفين، حسب احتياج العمل، واحتياج كل منهم وفقًا لتخصصه والمهام المسندة إليه، وكذلك منح الجميع دورات في تطوير الذات والارتقاء بالمهارات الشخصية وغيرها.
وغير ذلك من الجوانب التي هي بالأصل محل اهتمام القائد الناجح الذي يسعى لنجاح منظمته من خلال نجاح فريق العمل معه ونجاحه.
متى وجد الموظف المصداقية، والتقدير، والاحترام، والعدالة، والانصاف، كان فخورًا بوظيفته، صادق الانتماء والولاء للمنظمة التي يعمل بها، جادًا في أداء واجباته ومسؤولياته الوظيفية، شديد الحرص على تقديم المبادرات والمقترحات الإيجابية والفاعلة.
بيئة العمل ليست أثاثًا وأجهزة وبناء، بل هي أعمق من ذلك، فهي مشاعر البشر العاملين فيها، فمتى شعروا بالتقدير والاحترام والزمالة والألفة داخل بيئة العمل، جعلوا منها مجتمعًا مهنيًا ناجحًا.
الحديث عن أبعاد بيئة العمل، يجب أن يكون واقعًا عمليًا.
ويظل الموظف الذي هو محور بيئة العمل، هو ركيزة الإبداع والإنجاز التي تتميز بها المنظمة عن غيرها.
ولنعلم أن أبعاد بيئة العمل، أهداف صعبة التحقيق، إلا على القيادات الناجحة.