أ. إسماعيل جمعان عجارم
لا يخفى على أحد أهمية التعليم حيث إنه نقطة التحول للمجتمعات والشعوب من براثن الجهل إلى نور العلم, وهو ما يرفع الأمم ويزيد من قوتها بين الشعوب, وخير مثال على ذلك ما تعيشه الدول المتقدمة كأمريكا وألمانيا والصين من قوة اقتصادية وصناعية انعكست على قوتها السياسية والاجتماعية وامتلكت بها الكثير من مقومات الحياة الكريمة. وهذا ما جعل المملكة العربية السعودية في عهد الملك الراحل مؤسس هذه البلاد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – جعلها تحرص كل الحرص, وتنفق الغالي والنفيس في سبيل تعليم أبناء وبنات هذا الوطن, وتطوير عقولهم, بما يخدم الوطن وينعكس بالإيجاب على تنميته اقتصاديا واجتماعياً. ومن ضمن ما سعت إليه المملكة في ذلك الوقت فتح باب الابتعاث الخارجي للتعليم العالي, حيث بدأت في عام 1355هـ, ليتوجه طلبة العلم في المملكة آنذاك إلى دول العالم المتقدم, ويستقون منها آخر المستجدات العلمية الحديثة, وأحدث الطرق والمهارات التدريسية, والأساليب التخطيطية الناجحة, وذلك إيماناً من المملكة بأهمية التعليم في تنمية البلد وتطويره, فعادوا إلى أرض الوطن محملين بعلمهم, وقادوا مسيرة التعليم الداخلية, فبدأت المملكة بإنشاء سبع جامعات مدة من الزمن, ثم ما لبثت أن افتتحت فروعا لها في مناطق مختلفة. وبعد أن كثر الاقبال على التعليم, وازداد عدد السكان, وأصبح التعليم مطلب كل شاب وشابة فكان لابد من افتتاح جامعات أخرى في مختلف المناطق. وقد مرت الأعوام والسنون والمملكة على هذا النهج, إلى أن استلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عهد اتسم بالرقي والنماء, والتطور الاقتصادي والاجتماعي, فامتلكت المملكة أحدى أضخم الميزانيات في العالم, في وقت تعاني فيه كثير من الدول المتقدمة من الازمة الاقتصادية, وهذا بدوره انعكس على التنمية في هذا البلد, وأحد أهم مجالاتها, التنمية في مجال التعليم العالي, فقد أنشأت المملكة ما يقارب الـ 25 جامعة حكومية تقدم التعليم العالي لأبناء وبنات المملكة في مختلف مناطقها, وكانت آخرها, الجامعة الوليدة \"الجامعة السعودية الإلكترونية\" التي تعنى بالتعليم الإلكتروني على وجه الخصوص وتقدم برامجها وفق بيئة رقمية متطورة, في خطوة جريئة خطتها المملكة نحو تسخير التقنية في التعليم. فصاغت الجامعة بيئة بفصول افتراضية ومحتويات رقمية, تمكن المتلقي من الاستفادة منها أينما كان, كما أنها تسهل عملية التواصل بين المدرس والطالب في أي وقت ومن أي مكان. لست هنا في صدد تعداد مميزات التعليم الإلكتروني, الذي بدأ العالم أجمع بالتوجه إليه شيئاً فشيئاً, بل أرغب في قراءة التاريخ والتطورات التي طرأت خلاله, إلى أن انتهينا لهذا التطور الهائل في التقنية وفي أدوات تناقل المعلومة. فأصبحت المعلومة تأتي من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في ثوان معدودة, وصار بالإمكان للجميع تداول هذه المعلومات من مصدرها الأساس, متحدية بذلك الصعوبات والمسافات الشاسعة, إلى أن سمي هذا العصر بعصر التقنية وعصر تدفق المعلومات.