هدى القحطاني
بدت حالة التنمر أو ما يطلق عليها بسلوك الاستقواء أو الاستضعاف البشري تنتشر بين أوساط طلاب وطالبات مدارس التعليم العام انتشار اللهب وسط الهشيم وتحولت إلى ظاهرة اجتماعية مقلقة للكثير من الأسر لا سيما وقد انعكست هذه الظاهرة على سلوك ضحاياها من الأطفال انعكاسًا سلبيًا اثر على حياتهم في المدرسة وفي المنزل حيث يتعرضون لأبشع أنواع الضرر الجسدي أو اللفظي من نظرائهم في المدارس وسط انشغال قائد المدرسة والكادر التعليمي بعملية ترتيب الجداول الدراسية والفصول وتلقي تعليمات الوزارة التعليم والابتعاد عن الطلاب فضلا عن السبب الكبير في الأسرة وهو ابتعاد الوالدين عن الأبناء، وقد وصفته رابطة الطب النفسي الأمريكي " بوباء العنف".
فالتنمر هو عبارة عن سلوك عدواني مضطرب صادر من إنسان يريد إلحاق الضرر بالآخر عن طريق الاعتداء الجسدي أو اللفظي بطريقة تفضي إلى زعزعة شخصية الطرف الآخر وتتسبب في حدوث آثار وخيمة على شخصية ذلك الإنسان المعتدى عليه وفي الغالب يكون من الأطفال الذين يدرسون في المراحل الأولى من المتوسطة وقد تمتد معه هذه الحالة إلى مرحلة الثانوية، وهذا الأثر يصل إلى النواحي الجسمية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية والتربوية، إذ يفقد الطفل توازنه الفكري جرّاء هذه الممارسة العنيفة، بل الأخطر من ذلك حسبما يؤكد علماء النفس يتسبب في إحداث شخصية مغايرة عن واقع الإنسان الحقيقي ويحوله من شخص بريء في تعامله إلى شخص عدواني لا يعرف الفرق بين الدفاع عن النفس والاعتداء على الناس دون وجه حق حتى قد يصل على الاعتداء على الوالدين وإخوته دون أن يدرك أبعاد ما يقوم به إلا بعد وقوع الحادثة.
إن المتنمر يقوم متأثرًا بحالة التنمر التي سيطرت على سلوكه باضطهاد من هم دونه، ويصبح شخصًا أكثر عدائية في مجتمعه وبين زملائه في المدرسة ويميل في الغالب إلى انتهاج أسلوب الانتقام في تعامله مع الآخرين، ويصل به الأمر إلى التخلي عن مستقبله الدراسي أن يستوعب مدى خطورة ذلك القرار على حياته إذ يبدأ في التغيب عن المدرسة أو تكثر حالات تعديه على زملائه فيتخذ بحقه عقوبة الطرد من المدرسة، ووفقًا لدراسة أجراها جهاز الخدمات السرية في الولايات المتحد ة الأمريكية عام 2006م فإن أكثر من ثلثي حالات المهاجمين في حوادث اطلاق النار في المدارس الأمريكية يكونون قد شعروا بالمضايقات والتهديدات والاعتداءات والاضطهاد.
ويمكن معالجة هذه الظاهرة في المنزل من خلال اقتراب الوالدين من الأبناء، والاستماع لهم، وهدم تعنيفهم، فضلا عن إخفاء الخلاف بين الوالدين عن الأبناء، والاهتمام بالخروج مع الأبناء، ومعرفة أصدقائهم، واشغالهم في أمور تفيدهم من خلال معرفة هواياتهم وتنميتها عبر اشراكهم في معاهد أو أندية متخصصة ليزرع الثقة في فلذة كبده ويثقفه في أمور الحياة بعيدًا عن أسلوب التلقين، أما في المدرسة فيقع عليها جانب كبير في معالجة حالات التنمر في المدارس، والتعامل الأمثل يتم من خلال تطوير برنامج مدرسي واسع comprehensive wide programs بالتعاون بين الإدارة التربوية والطلبة والمعلمين وأولياء الأمور والمجتمع المدني ، بحيث يكون هدف هذا البرنامج هو تغيير ثقافة المدرسة.