الدخلاء هم من يحشرون أنوفهم فيما لا يعنيهم، ومن يقحمون أنفسهم في أمور لا ينتمون إليها، ويقومون بأعمال ليست من اختصاصهم ولا يفقهون فيها، ويقدمون أنفسهم بأنهم أهل الفن والحرفة والصناعة، وهم أبعد ما يكون عن ذلك!
وعندما يتدخل أمثال هؤلاء "الحشريون" للقيام بأعمال لا ينتمون إليها، وليس لديهم علم فيها، ولا موهبة، ولا قدرات، ولا خبرة، في أي مجال كان غير تخصصهم، كالدُخلاء على الطب والهندسة والإعلام والتعليم والتخطيط والتدريب والتجارة والصناعة والاستثمار والفن، وغيرها من المهن المتخصصة، حتى أنهم حشروا أنوفهم في (الدعاية)!
ولسان حالهم يقول: (مع الخيل يا شقراء) وهم في صنيعهم هذا كمن يتتبع (الموضة) فيلبس فنًا ومهنة ليست له ولا على مقاسة، مما قد يتسبب في تعطل حركة التنمية، وتدهور الاقتصاد، وإفشال أي مشروع يروم المجتمع والوطن نجاحه، بسبب مثل صنيع هؤلاء الدُخلاء.
و"الهبة" اليوم أن الدُخلاء أقبلوا يمتطون صهوة الإدارة، وأقبلوا يقدمون أنفسهم بأنهم فراس الميدان الإداري، وراحوا يحشدون شهادات من مصادر مجهولة، ودورات تدريبية يقدمها دُخلاء على التدريب أمثالهم، لتحقيق غايات خاصة، بإحاطتهم بهالات كاذبة، وإنجازات وهمية، لا تتجاوز فقاعات الصابون.
لربما كان لغياب عين الرقيب، والتدقيق والتصنيف لعلم الإدارة والإداريين – على أرض الواقع – جعل كل من هب ودب يجعل من نفسه فارس ميدان في الإدارة.
الإدارة هي: عملية تحقيق الأهداف المرسومة، باستغلال الموارد المتاحة، وفق منهج محدد، وضمن بيئة معينة، فأهم وظائف الإدارة: التخطيط والتنظيم، والتوجيه، والرقابة؛ وهؤلاء الدُخلاء لا يفقهون من ذلك ولا فيه شيئًا (وعلى مسؤوليتي).
وللأسف أن الدُخلاء، يعلنون ويتحدثون في كل منبر، أنهم يملكون القدرات الخارقة في حل الحالات المستعصية والشائكة في الإدارة، بتقديم أنفسهم خبراء في الإدارة، ومستشارين إداريين، وغيرها من المسميات والألقاب التي يتفننون بالصدح بها هنا وهناك.
ألم يحن الأوان أن يوقف هؤلاء الدُخلاء عند حدودهم؟ وتتخذ ضدهم الإجراءات النظامية اللازمة قبل تفشي دائهم، وانتشار أخطارهم؟
يجب على المتخصصين في علم الإدارة، وعلى الجهات المسؤولة عن الإدارة، والجهات الرقابية، النظر في موضوع الدُخلاء على الإدارة، لتّحقق من قدراتهم على ممارسة ذلك العلم والفن والتخصص، قبل ممارسته واقعًا وخداع الناس والمنظمات والوطن.
وأن يخضع كل من أراد مزاولة الإدارة لتصنيف دقيق، ومطالبته بتحقيق متطلبات تخصصية معتمدة، في علم الإدارة، وفي المهارات والقدرات الممكنة فيها، ولا يكون معيار التصنيف "بروزه إعلاميًا، أو عبر منصات السوشل ميديا" أو تكليفه في جهة عمله لإدارة موقع إداري بشكل مؤقت؛ وإن على هذا الموقع، فالتمحيص والتدقيق مطلب مهم، للحفاظ على تلك المهنة، وهذا التخصص والعلم، قبل أن يُنحر في سوق الموضة! والضحية الوطن.
لكل مجاله الذي يُحلق فيه، ولكل زاويته التي يبدع فيها، من أهل التخصص والصناعة، لا من الدُخلاء والمرتزقة الذين ينهشون في كل ميدان، بحثًا عن الكسب المادي، وإن كان ثمرة في صنيعهم (خراب مالطة).
الإدارة ليست شهادات فحسب؛ بل شهادات وموهبة وفن وخبرات وقدرات، ولنتذكر أن كل قائد مدير، وليس كل مدير قائد