أ.سليمان بن صالح المطرودي
كثيرة هي الشعارات البراقة، والدعايات المضللة التي يتخذها صاحب أي مشروع، لتكون له مطية للوصول إلى هدفه وتحقيق مشروعة، ويكون الدهماء من الناس، وربما بعض المثقفين منهم من ينخدعون بالأصداء والأسماء والأساليب التي تدغدغ المشاعر وتحرك العواطف؛ كيف إذا كانت تلك العواطف دينية، وباسم الإسلام والذود عنه وحماية المقدسات ونصرة الدين وحماية الأعراض والأنفس البريئة من القتل والاعتداء عليها. فـ\"الطريق إلى مكة\" شعار يدغدغ مشاعر أكثر من مليار ونصف المليار من البشر، فكيف بمشاعر أطفال ومراهقين ومرضى نفسيين وتائبين يريدون أن يطهروا أنفسهم مما اقترفوه من جرائم وفواحش وذنوب أيام غفلتهم، ليكونوا صيدًا ثمينًا لمثل تلك الشعارات التي تخفي تحتها ما تخفيه من مطامع ومفاسد وأحقاد على الإسلام والمسلمين وبلدانهم. إلا أن العقلاء يدركون حقيقة الأمر، ويعلمون أن هناك مخططًا خارجيًا يهدف لزعزعة أمن بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية، وتفكيك اللحمة الوطنية المتماسكة بين شعبها، والقضاء على نسيج الوحدة الوطنية القوية، وما ينعم به الوطن والمواطن من أمن وأمان، ونعم تترى على البلاد وشبعها – ولله الحمد والمنة – ناهيك عن مكانة الدولة وقوة تأثيرها إقليميًا وعالميًا، هذه الأمور أزعجت الأعداء عمومًا والعدو في الشرق على وجه الخصوص. فما حققته عاصفة الحزم من منجزات للدفاع عن الشرعية في اليمن، وما حققته إعادة الأمل من الحفاظ على أمنه واستقراره، وإفشال مشروع تلك القوى في النيل من اليمن وشعبه، جعلها تسارع في تنفيذ مخططاتها على أرض الواقع لتجعل من بلاد الحرمين عراقًا آخر، مستخدمة نفس الأسلوب والآلية في تفجير المساجد المكتظة بالمصلين، وبأيدي أبناء الطائفة الأخرى بعد أن فرغت من شحن أبناء تلك الطائفة على تلك، ليتحقق الهدف والغاية من هذا الشحن والتجييش بأيدي أبناء الطائفتين، دون أن تخسر هي أي شيء لتقف موقف المتفرج والمراقب، لتنفخ في النار لتأجيجها متى شارفت على الانطفاء. إذ أن تلك الأحداث والجرائم ليست من أعمال السنة ولا الشيعة، ولا حتى هي عمل إرهابي، بل هو عمل مخطط له من خارج البلاد للنيل من وحدتنا الوطنية. ودلالات ذلك وشواهده كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أن منفذي التفجير والمرتبطين به، أحداثًا وليسوا عقلا، ولا من المنتمين للمجتمع في صورته الطبيعية، بل هم أدوات استخدمتها جماعة خارجية (ذات فكري داعشي) تكن العداء للإسلام والمسلمين، وتقتل أبناء السنة في العراق وسوريا، وتنفذ أجندة ممنهجة لدول عدة، باسم الإسلام ودولته الفتية، فإذا عرفنا من صنعها ومولها، عرفنا من المستفيد من تلك الأحداث المراد لها أن تكون في بلادنا. وكذلك خروج مظاهرات ومسيرات منددة بالأحداث فور وقوعها في دولة مجاورة، وهي تحمل لافتات وشعارات مطبوعة مسبقة، فما أعلمها بالحدث لتستعد هذا الاستعداد المهول له؟ ناهيك عن بث الخبر عبر عدد من القنوات المرتبطة بتلك الدولة المستفيدة قبل أن يعلم جيران الموقع بالواقعة! كذلك السعي لتكوين حشد شعبي بموقع الحدث لحماية المواطنين \"الشيعة\" وانتزاع هذا الدور المنوط بالدولة أصلاً منها، كما وقع في العراق دليل على أن العقل المدبر لهذا هو المدبر لذاك، فغايته التشكيك في قدرات الدولة على تحمل مسؤولياتها، إلا أن رد سمو ولي العهد – حفظه الله – كان واضحًا لا يحتاج تفسير. والشواهد كثيرة ومتنوعة، والمتابع للأحداث يعرفها بتفاصيلها. في الأسبوع الماضي تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – ببلدة القديح، واليوم محاولة لتكرار نفس العمل بجامع حي العنود بمدينة الدمام، هي أعمال إرهابية منظمة لا يمكن قبولها، وهي أعمال دخيلة على مجتمعنا وأفكار شبابنا ووطننا فمن يقف خلفها؟ نعم من يقف خلفها معروف ولا يحتاج السؤال عنه. لكن علينا نحن دور كبير للوقوف في وجه هذا العدو الذي لن يستكين، ولن يستسلم، بل سينشط ويستقوي بكل قوة لتحقيق أهدافه، خاصة بعد أن فشلت كل محاولاته هذه، وما سبقها من محاولات كـ: أحداث الحرم، وأحدث مقبرة البقيع، وثورة حُنين، وتفجير الدالوة، وقتل رجال الأمن في القطيف والرياض، وغيرها من الأعمال، وكذلك فشله في اليمن وسوريا، وبدء تصدعه داخليًا، لينشط ويعوض ذلك في إشاعة الفتنة داخل بلاد الحرمين وإحداث فجوة بين الحاكم والمحكوم، وشق الصف، وتفتيت النسيج الوطني، بمواجهته بكل حزم وقوة، بخطوات ثابته ومتماسكة، منها: الوقوف والالتفاف حول القيادة، لنكون كيان واحد مع قيادتنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي عهده، والحكومة الرشيدة الراشدة – حفظهم الله وأيدهم بنصره وتمكينه –. أن نكون يدًا واحدة ضد أي فتنة كانت (طائفية، مناطقية، عنصرية) وغيرها، فمتى كنا كذلك صفعنا هذا العدو في وجهه وعاد أدراجه يجر ذيول الخيبة والقبح على أعمالهم السيئة والمشينة. الحفاظ على لحمتنا الوطنية، وتعزيز نسيجنا الوطني ليبقى قويًا متماسكًا أمام كل محاولات هذا العدو الغاشم. العمل على كل ما من شأنه تعزيز التقارب والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، بفهم صحيح دون تحجر أو تعنت يحول دون تحقيق ذلك المطلب أو المبالغة فيه. الوقوف سدًا منيعًا أمام أي اختراق خارجي ممنهج يسعى للسيطرة على العقول والتحكم بها وإدارة البوصلة عبر ريموت إعطاء الأوامر الإجرامية والإرهابية التي تعصف بأمن الوطن. وأد الإشاعات أو الترويج لها، وأي عمل فيه نفس الطائفية والعنصرية والمذهبية والمناطقية وغيرها. فمتى كنا متماسكين مدركين لتلك المخططات التي يحيكها العدو الخارجي المتربص بنا، كنا بإذن الله قادرين على دحره ورده خاسرًا خائبًا معقورًا في قعر داره. اللهم إنا نستودعك بلاد الحرمين وشعبها وأمنها واستقرارها، اللهم من أراد بلادنا بسوء فأشغله بنفسه واجعل تدبيره في تدميره، اللهم أكفناهم بما شئت يا حي يا قيوم.