العقوق مشتق من العق، وهو القطع والشق، والعقوق ضد البر، من قول أو فعل يتأذى به، كالهجر أو العصيان أو أي شكل من أشكال الإيذاء والجحود والتطاول والإفساد والتخويف والخيانة والإرهاب، وغيرها.
وارتبط العقوق بالوالدين، لعظم شأنهما ومكانتهما في حياة كل إنسان، وهذا نوع من أنواع العقوق التي ينبذها ديننا الإسلامي الحنيف، إذ أنها في الإسلام من المحرمات، ومن الكبائر، بل أوجب الإسلام على بر الوالدين وطاعتهما بأدلة كثيرة جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، قال – سبحانه وتعالى –: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا، وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا)، وقال رسولنا – صلَّ الله عليه وسلم –: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور).
ومن صور العقوق التي نشاهدها اليوم (وهي حالات شاذة) عقوق الوطن، ذاك العقوق الصامت الذي لا يُعلم عنه إلا عند وقوعه!
نعم عقوق الوطن، وللأسف الشديد، فالوطن هو الأسرة الكبيرة للمواطن، والأسرة هي الأب والأم، والأخوة والأخوات، والزوج والزوجة، والابن والبنت، والعم والعمة، والخال والخالة، يربطهم جميعًا لحمة وطنية ونسيج واحد، وكل من شذ عن هذه اللحمة والنسيج الأسري – الذي يجب أن يكون مترابطًا – هو عاق لهذه الأسرة الكبيرة؛ المتمثلة في الوطن الرؤوم، الذي يعتبر فيه خادم الحرمين الشريفين أبًا لكل مواطن، وسمو ولي العهد وجميع مسؤولي الدولة من أمراء وعلماء ووزراء ومسؤولين، هم أخوة لنا كأسرة مكونة للمجتمع السعودي في وطن الخير والنماء، هذا المجتمع الذي يرفض بعقيدته وتربيته وفطرته المساس به وبتلاحمه الوطني، ويرفض أي محاولات عقوق أو هجر أو عصيان أو جحود أو تطاول أو إفساد أو تخويف أو تخوين أو إرهاب؛ لأي مكون من مكونات الوطن، وتحت أي ذريعة كانت.
ومن عق أب أسرة الوطن، أو أحد أفراد أسرته، فهو عاق كمن عق أحد والديه!
من يقوم بعمليات وحوادث عقوق الوطن، كأنما يُريد أن يشفي غليله من قاهره وعدوه، إلا أن كل حوادث العقوق التي وقعت اصطدمت بحاجز الرفض والإنكار لها وعلى فاعلها، وذلك ببساطة لأن السعوديون حضنوا المملكة العربية السعودية في صدورهم، كما حضنتهم في عرينها، وحفروا اسمها في قلوبهم، حتى صارت قطعة منهم وهم قطعة منها، الأمر الذي أفشل وسيفشل كل محاولات العقوق الفاشلة، وهي رسالة صادقة لكل عاق وفاسد ومجرم وإرهابي أجر عقله وباع خلقه ومبادئه لأعداء الوطن، بأن الوطن خط أحمر لا يمكن المساومة عليه، أو الاتجار به.
أسفنا على شباب باعوا ضمائرهم وعقولهم، وعقوا وطنهم.
ونفخر بشباب وطننا البارين بالوطن، الذين يتصدون لمحاولات النيل من الوطن والتشكيك فيه وفي كيانات المجتمع، ويعملون للتصدي للإشاعات المغرضة عن الوطن ورموزه ومنجزاته عبر كل الوسائل، رافعين راية التلاحم الوطني في كل وقت وحين، سواء كانوا في داخل الوطن أو خارجه، موظفين أو غير موظفين، فجميعهم أبناءً بارين بوطنهم، يتشرفون بخدمته ويتقربون إلى الله بذلك.
وعي وإدراك أبناء الوطن بحقيقة ما يراد بالوطن، والتفافهم حول المجموعة، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، شكل صمام أمان للوطن وللحمة الوطنية من الاختراق من الأعداء والمتربصين بنا وبوطننا الدوائر.
حفظ الله بلادنا المملكة العربية السعودية من كيد الكائدين في ظل قيادتنا الرشيدة، ووفق رجال أمننا لكل خير به حفظ الأمن والأمان والاستقرار لوطننا الغالي.