لكل قرار إيجابيات وسلبيات، والإيجابيات لا شك تتفوق على السلبيات؛ وإلا ما صدر القرار.
ننظر دائمًا للأمور من زاوية واحدة، وغالبًا نركز على الجوانب السلبية، وننسى الإيجابيات، وهذا حالنا مع قرارات تعديل البدلات الحكومية، كان تركيزنا على السلبيات، وهذا بالطبع لأنانيتنا المفرطة، ففكرنا بمصالحنا الشخصية الآنية، وغفلنا عن مصالحنا المستقبلية، ومصالح الوطن العليا.
لكن عندما نوازن بين قسوة تعديل البدلات الحكومية، ومصالح الوطن العليا، ومصالحنا المستقبلية، ومستقبل أبنائنا وأحفادنا، نجد أنها جاءت بالخير رغم قسوتها ومرارتها.
هذا بالطبع إذا نظرنا لها من زوايا مختلفة، وركزنا على الجوانب الإيجابية، وتخلصنا من النظرة السلبية، سنجد هنا العديد من الفوائد والإيجابيات، ومن ذلك على سبيل المثال أنها جاءت في أمور مادية "غير أساسية" ولم تأتي في أمور صحية أو حياتية، ولم تكن على حساب أمننا واستقرارنا في بلادنا، ولننظر للبلدان من حولنا كيف تعيش في حروب طاحنة، وعلى واقع الأرض المحروقة، والقتل والسلب والنهب والتهجير، والطائفية والمذهبية والعنصرية وأبشع أنواع وصور الإجرام، ولا نقول إلا "حسبنا الله ونعم الوكيل".
ومن جانب إيجابي آخر، فإن هذه القرارات "المؤقتة" فرصة ساحنة لإعادة النظر في أسلوب حياتنا، وإسلوب تكوين وصرف ميزانيتنا الخاصة، فكم طغت على حياتنا كثير من الثقوب في الصرف لا على الكماليات؛ بل على مظاهر التقليد الأعمى، والمباهات والتفاخر، حتى أثقلنا كواهلنا بالديون والالتزامات المالية الطائلة، ولن نتخلص منها إلا بسد تلك الثقوب على الأساسيات، والاقتصار على المهم منها، وتربية النفس وأفراد الأسرة على الترشيد والاقتصاد، وحسن إدارة ميزانياتنا وتحديد مصارفها والادخار منها.
متى أدركنا أننا في مركب واحد، ونسير في طريق طويل، وأن كل طريق فيه منعطفات ومنحدرات ومرتفعات ومطبات وتحويلات ومحطات توقف، تحملنا عبء السير فيه، رغبة في تحقيق هدف وطني مشترك، يشمل خيره الجميع، ويكون استثمار رابح للأبناء والأحفاد، كما قدم الآباء والأجداد تضحيات جسام، كان ثمنها أرواحهم من أجل توحيد هذا الكيان الذي قاده بحزم وعزم الملك المؤسس - طيب الله ثراه - وسار من بعده أبناؤه - رحمهم الله - في وضع لبنات البناء والتطوير، إلى أن تسلم الراية ملك العزم سلمان الحزم - حفظه الله ووفقه لكل خير - ليواصل لبنات البناء والحفاظ على هذا الكيان، وقيادة سفينته إلى شاطئ الأمان في وسط تلك الأمواج المتلاطمة، والكلاليب المستهدفة أمن واستقرار واقتصاد بلادنا، من قوى إقليمية وعالمية، وجماعات إرهابية.
ودورنا أن نكون جادين حازمين للحفاظ على ما قدمه الآباء لنا، حتى يتمتع به الأبناء والأحفاد من بعدنا، وأن نكون إيجابيين لا سلبيين، ونتفاعل مع القرارات بكل حزم وإيجابية، مستحضرين مصلحة الوطن العليا.
والحمد الله الذي جعلنا مسلمين مؤمنين موحدين.
الحمدالله الذي أنعم علينا بالأمن والأمان في بلادنا، بلاد الحرمين الشريفين.
الحمد الله الذي كتب الأرزاق ووزعها بعدله بين خلقه (وفي السماء رزقكم وما توعدون).
ختامًا...
حفظ الله بلادنا من كل مكروه، ورد كيد الكائدين في نحورهم، ووفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي عهده، لكل خير، وسدد رأيهم وجعلهم مباركين، ونفع بهم العباد والبلاد وعموم المسلمين.