د. علي العنزي
يمر اليوم الوطني الـ83 للمملكة العربية السعودية هذا العام، والمنطقة تموج بالأحداث والتطورات، وتعصف بها التغيرات المتسارعة، لكن المملكة العربية السعودية استطاعت أن تتجنب هذه الأزمات والتطورات من خلال تلاحم شعبها مع قيادته، إذ حافظت على استقرارها وازدهارها في منطقة تتعرض لقلاقل وهزات سياسية واجتماعية لا يعرف أحد ما ستؤول إليه، لكن \"السعودية\" وفي ظل قيادة حكيمة يرأسها قائد هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاوزت الخطر وتجنبت آثاره، بل استطاعت أن تحافظ على الإنجازات التنموية، سواء كانت اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية، خصوصاً في ما يتعلق بالوحدة الوطنية، وفوق هذا كله الأمان الذي تحقق في هذا البلد، ولذلك في كل ذكرى لليوم الوطني لا بد من استحضار التاريخ والعودة بالذاكرة إلى ما قام به رمز هذا الوطن وموحد كيانه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه الذي وحد هذه البلاد على كتاب الله وسنة رسوله، وأقام وحدة وطنية في \"السعودية\"، لتكون أكبر وحدة عربية في التاريخ الحديث، بعد أن كانت أقاليم وقبائل تمزقها النزاعات والصراعات في ما بينها، ويتدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية ليزيد من فرقتها وضعفها، ويستغلها لتنفيذ أهدافه.لقد اهتم الملك المؤسس عبدالعزيز، طيب الله ثراه، بالإنسان منذ توحيده \"السعودية\"، ليكمل المسيرة من بعده أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد، رحمهم الله، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، يرعاه الله، الذي نهل من مدرسة والده ومعلمه الأول الملك عبدالعزيز خبراته فى مجالات الحكم والقيادة والسياسة والإدارة، فتبوأت المملكة المراكز المتقدمة في مجالات عدة، وحافظ على منجزات ووحدة هذا الوطن، إذ سخر كل الإمكانات لتنمية الإنسان، سواء في مجال التعليم أم الصحة، فاليوم ما يكرس للتعليم ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله هو الجزء الأكبر من الموازنة العامة للدولة، فالجامعات انتشرت في جميع مناطق المملكة، وبرامج الابتعاث تسهم في التعليم العالي، إضافة إلى مواكبة التطور التقني في التعليم، فجاء أمر إنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية، لتكون الجامعة الـ25 في المملكة، وتسهم مع شقيقاتها في تنمية الإنسان السعودي، ليسهم هو أيضاً في بناء وتنمية الوطن، لذلك تحقق لشعب المملكة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز العديد من الإنجازات في مجال التعليم العالي الذي تضاعفت فيه أعداد الجامعات من 8 جامعات إلى 25 جامعة حكومية، وافتتاح الكليات والمعاهد التقنية في المجالات كافة، وإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، لتكون جامعة بحثية، وكذلك إنشاء المدن الاقتصادية الواعدة في معظم مناطق المملكة، إضافة إلى مركز الملك عبدالله المالي في مدينة الرياض.منذ توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز 1351ه، والإنجازات التنموية تتحقق للمناطق كافة وعلى امتداد رقعتها وفي مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية، واتسمت معطيات هذه التنمية بالشمولية والديمومة والتكامل في بناء الوطن والمحافظة عليه، لذلك كان لاكتشاف البترول الأثر الكبير في التنمية في \"السعودية\"، إذ أسهم دخل البترول في تعزيز الدخل الوطني، وكذلك تنمية وتدريب الإنسان السعودي، فوزير البترول المهندس علي النعيمي هو أحد الكوادر الوطنية التي تدربت وعملت في شركة أرامكو كموظف مبتدئ، لا يجيد إلا الحد الأدنى من التعليم، ويبحث عن لقمة العيش فقط، فتم تعليمه وتدريبه وابتعاثه، حتى وصل إلى ما هو عليه الآن، وغيره كثر من الكفاءات التي وصلت إلى أعلى المناصب القيادية، نتيجة لتنمية الإنسان، وهو ما يؤكد لنا أن الكفاءة هي المعيار في الاختيار والعمل، فتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن مطبق، والكفاءة هي المعيار في الاختيار، والدليل أن هناك العديد من القيادات السياسية والأكاديمية والعسكرية والدينية تتبوء أعلى المراكز ومن مختلف الأطياف بادية وحاضرة، وهذا هو مشروع الملك المؤسس طيب الله ثراه الذي عمل عليه من خلال توطين البادية. إن ذكرى اليوم الوطني لهذا العام تمر، ويجب أن نقف وقفة تأمل واستحقاق، ونرسل رسالة إلى كل من لا يريد الخير لهذا الوطن، إذ راهن البعض، سواء غرر بهم أم من اعتقدوا أنهم يستطيعون أن يؤثروا في الوحدة الوطنية التي أسسها الملك عبدالعزيز لهذا الوطن، سواء من باب استغلال الأحداث الجارية في المنطقة أم من خلال الترويج لبعض الأفكار أو دعم بعض الجماعات ومبايعتها، فنقول إنكم على خطأ، ولم تقرؤوا الشعب السعودي بدقة، فالوحدة الوطنية التي أسسها الملك المؤسس رحمه الله، هي خط أحمر، والوطن لن نساوم عليه، والقيادة هي صمام الأمان ومظلة لهذا الوطن، وعلى الجميع أن يعرفوا أن الملك المؤسس رحمه الله، أقام وحدة وطنية وليست وحدة جغرافية فقط، فالشعب السعودي بكل أطيافه من بادية وحاضرة لن يساوم على هذه الثوابت مهما كانت الأسباب، لذلك، لا ينخدع أحد بعدد متابعيه أو تأثير تغريداته أو خطاباته الرنانة، فالشعب السعودي لا يستطيع أحد تحريكه أو التأثير فيه إلا خادم الحرمين الشريفين، فالشعب موالي ومبايع لهذه القيادة.إننا لن نفرط في استقرارنا وقيادتنا ومستقبل أبنائنا، ولن نسمع لأي حاقد ومضلل، فالوطن أغلى من كل شيء، وفوق كل شيء، لننظر إلى ما يجري من حولنا من فقدان للأمن والأمان والاستقرار، فهذا هو وقت المواطنة والتعبير عنها، هذا هو وقت الاستحقاق بالتعبير عن المواطنة واللحمة الوطنية، من خلال البعد عن التطرف في كل شيء واعتماد الوسطية التي يدعو لها قائد هذا الكيان خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز، للمحافظة على وحدة كيان هذا الوطن وأمنه وأمانه.* منقول من صحيفة الحياة