مشعل العريفي
أقبل رجل ومعه صاحبيه ببلاد الأندلس بعد يوم شاق من العمل، حيث كانوا يعملون في تأجير الحمير إلى الناس لقضاء حوائجهم. سأل صاحبنا أصحابه ماذا يتمنى كل واحد منكم أن يكون في المستقبل؟ لم يجبه أحد منهم وذلك أنهم متعبين ولم يكن عندهم الاستعداد على الاجابه، فقال لهم متفائلاً: أما أنا فأتمنى أن أكون حاكم للأندلس .. فأجابوه باستغراب .. حاكم للأندلس!! فقال نعم. قال لصاحبه الذي عن يمينه ماذا تتمنى أن أصنع لك لو أصبحت أنا حاكماً للأندلس، قال إذا أصبحت أنت حاكم للأندلس أريدك أن تضعني على ظهر حماري وتجعل ظهري للخلف وتجعل جنودك يضربوني بالعصي ويقولون هذا الكذاب هذا الكذاب فقال صاحبنا حسنا. وسأل صاحبه الذي عن يساره ماذا تتمنى أنت، قال أنا أتمنى إذا أصبحت أنت حاكما للأندلس أن تعطيني قصراً كبيراً وحصاناً أبيضاً وجواري حسان . مرت الأيام والسنون واستطاع صاحبنا أن يحقق حلمه ويحكم الأندلس، إنه القائد الذي توسعت الأندلس في حكمه وازدهرت في عهده إنه الحاكم المنصور ابن أبي عامر. أمر المنصور وزيره أن يبحث عن صاحبيه، فوجدهم في السوق كل منهم يعمل في نقل الأمتعه بحماره كما كان. فلما حضروا إلى المنصور قال لصاحبه الأول الذي كان عن يمينه ماذا كنت تتمنى في أيامنا الغابره فقال أنا .. أنا إنما كانت أحاديث ولت وانتهت، فقال لا لم تنتهي فقال هو ذلك فقال للوزير اجعله على حماره وفعل به كما تمنى. وقال لصاحبه الثاني ماذا تمنيت فقال الجواري الحسان وأن تعطيني قصرا وحصان أبيض فقال لوزيره أعطوه ما تمنى. فسأل الوزير متعجباً !! الحاكم المنصور كأنك قسيت على صاحبك الأول بقدر ما عطفت وأكرمت الثاني، فقال ليعلم أن الله على كل شيء قدير. التفاؤل هو توقع أحسن النتائج، أو هو الميل إلى النظر والتركيز في الجوانب الإيجابية. سواء في الأحداث أو المواقف وحتى في تقييم النفس. إذاً هي النزعة الإيجابية في الحياة. للتفاؤل ثمرات كثيرة، إذا تأملنا قصة الحاكم المنصور نجد بأنه تفائل. هذا التفاؤل جعله في حالة ذهنية ونفسية إيجابية. كان يحمل مشاعر جميلة دفعته للعمل. بدأ خطوة خطوة، حيث عمل في الدولة وتدرج في المناصب حتى بلغ أمنيته و حقق حلمه. لم يكن ليصل إلى ذلك إلا بتلك المشاعر الإيجابية، والنظره التفاؤلية. إذاً من أعظم ثمرات التفاؤل أنه يجعلك في حالة ذهنية إيجابية متيقظة، كما أنها تجعل الشخص يشعر بعواطف جميلة إيجابية. وكل ذلك يبعث على الهمة والعمل، ويشعل العزيمة والإرادة في صدر صاحبها فيبلغ بإذن الله القمة . عزيزي القارئ أوصيك من أعماق قلبي بأن تكون متفائلاً من اليوم فصاعداً. أرجوك فليكن عقلك مليء بالأفكار الإيجابية، أريدك أن تحلم وتتمنى ثم تعمل بجد واجتهاد وكأن الحلم قد صار حقيقه. تفائل .. تفائل .. تفائل. وأخيراً تابع البرامج التي تدعوك لتطوير نفسك، واقرأ الكتب النافعه. فهذه عوامل تعينك على أن تحافظ على تفاؤلك في هذه الحياة. خذ ورقه وقلم واكتب ماذا تريد وما تتمنى، ثم تصور بأنك قد حققت ما تحلم به. لعلك تشعر الآن بمشاعر إيجابية وإرادة قوية .. نعم قم وخطط واعمل لتحقيق ما تريد، هذا هو التفاؤل .