د.عبد الله الموسى
تعد مدرسة تحضير البعثات التي أنشئت عام 1355هـ في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – تغمده الله بواسع رحمته – نقطة بداية اهتمام الحكومة آنذاك بالتعليم العالي في المملكة العربية السعودية، حيث وضع الملك عبدالعزيز الخطط الاستراتيجية للبلاد للنهوض بأبنائها عبر منهج رصين ومتطور امتدت آفاقه إلى خارج الحدود بغية الاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال، فاستطاعت المملكة أن تحقق منذ ذلك الحين ومروراً بعهد أبناء الملك عبدالعزيز الملوك (سعود، وفيصل، وخالد، وفهد) رحمهم الله جميعاً، العديد من القفزات والتطورات العلمية في مجال التعليم العالي سواء في بناء المؤسسات الأكاديمية أو في إنتاج العقول الوطنية، نتج عنه نهضة تنموية شملت شتى المجالات المختلفة، إلا أن عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – شهد فيه التعليم العالي تحولاً جذرياً كبيراً، إذ اختصر – أيده الله – المكان والزمان في بناء هذا الوطن العزيز وخدمة أبنائه، وسخر كل شيء عنده لكي يجعل من المملكة بلداً متطوراً بقدرات علمية هائلة وبوسائل تربوية لا مثيل لها في منطقة الشرق الأوسط، بل وفي العالم النامي قاطبة. ولم يكن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بتطوير التعليم العالي في المملكة، وليد لحظة عابرة، بل كان وفق رؤية فكرية ثاقبة، لخصها – أيده الله – في قوله (التعليم في المملكة نموذج متميز وركيزة رئيسية للاستثمار والتنمية، والأجيال القادمة هم الثروة الحقيقية، والاهتمام بهم هدف أساسي) كما صاحب المليك المفدى حلم مجيد امتد لعدة سنوات، كشف عنه - يرعاه الله – في كلمته التي ألقاها إبان افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عام 2009م، حينما قال (لقد راودني الحلم بإنشاء هذه الجامعة منذ ما يزيد عن 25 عاماً) وهذا ما يؤكد أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قد رسم لبلاده منذ زمن بعيد الإطار المنهجي العميق، الذي ينشد في ثناياه الخير لأبناء الوطن، من خلال اكتساب المعرفة من أماكنها، وتوظيف مخرجاتها في تلبية متطلبات الوطن والمواطن. واليوم، ونحن نستشرف مرحلة جديدة من مراحل تطور التعليم العالي في هذا البلد, تحت ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – نرى المملكة ولله الحمد تسير على خطى واثقة نحو الريادة في مجالات تعليمية عدة ومنها مجال المعرفة الحديثة، فتطور التعليم العالي تطوراً نوعياً، نتج عنه ارتفاعاً في عدد الجامعات الحكومية حيث وصلت إلى 25 جامعة، كان آخرها \"الجامعة السعودية الإلكترونية\" التي تفضل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس التعليم العالي - حفظه الله – في تاريخ 10/9/1432هـ، بالموافقة على قرار مجلس التعليم العالي الخاص بإنشائها، ليكون مقرها الرئيس مدينة الرياض. وتعد الجامعة الإلكترونية، أول مؤسسة تعليمية حكومية، تقدم التعليم العالي، وتوفر بيئة تعلم إلكترونية مبنية على تقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وبدأت عامها الجديد 1433هــ / 1434هـ، بأربعة برامج لمرحلة البكالوريوس هي: المحاسبة, والتجارة الإلكترونية بكلية العلوم الإدارية والمالية، وتقنية المعلومات بكلية الحوسبة والمعلوماتية، والمعلوماتية الصحية بكلية العلوم الصحية، إضافة إلى برنامج مخصص لدرجة ماجستير، في إدارة الأعمال بكلية العلوم الإدارية والمالية. وواكب النهضة التعليمية في المؤسسات الأكاديمية الحكومية، نهضة أخرى موازية، تمثلت في الموافقة على إنشاء العديد من الجامعات والكليات الأهلية في مختلف التخصصات، وفتح المجال لمن لم يكمل تعليمه الجامعي إلى الالتحاق بالجامعة عن طريق نظام التعليم عن بعد \\\"الانتساب\\\"، ما جعل نسبة ابتعاث السعوديين إلى الخارج تقل نظراً إلى توافر فرص التعليم الجامعي والعالي في جامعات المملكة، ليقتصر الابتعاث على التخصصات العلمية والطبية والتطبيقية النادرة. وها هي الجامعة السعودية الإلكترونية الآن، تحتضن ما يربو عن 7500 طالب وطالبة في فروعها بالرياض، والمدينة المنورة، وجدة، والدمام، وتطمح من خلال الدعم الذي تجده من معالي وزير التعليم العالي ومعالي نائبه، في أن تكون جامعة حكومية إلكترونية رائدة في المملكة، تسهم بفاعلية في بناء اقتصاد ومجتمع المعرفة وإيصال الرسالة الحضارية للوطن، وفق معطيات علميّة تعتمد على الجودة في مخرجات التعليم، لكي تساعد في زيادة كفاءة إنتاجية مؤسسات التعليم العالي. وإيماناً منا، بأهمية الإعلام كرسالة ثقافية حضارية عصرية، تتواكب مضامين منهجيته مع التطورات التقنية المذهلة التي نعيشها حالياً، فإننا نستبشر جميعاً بإطلالة (صحيفة جسر الإلكترونية)، التي ستكون بحول الله تعالى جسر التواصل مابين الجامعة ومنسوبيها من أساتذة، وموظفين، وطلبة وطالبات، لتنقل بعين الواقع خطوات سير الجامعة الإلكترونية ومناشطها الداخلية والخارجية، إلى جانب احتضانها ما يزخر به أبناء وبنات الجامعة من مخزون فكري وعلمي، يثرون به أبواب الصحيفة عبر مشاركاتهم البنّاءة التي تصب في صالح الجميع. وإنني أدعو الجميع من هذا المقام، إلى المساهمة في هذه الصحيفة، والنهوض بها في شتى المجالات، كل بما يجود به فكره النير، فالصحيفة من الجامعة وإلى منسوبي الجامعة دون استثناء، وأدعو الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يحفظ لنا ولاة أمرنا، ويديم نعمة الأمن والخير والاستقرار على بلادنا.