أ. ممدوح سليمان الذويخ
حسن الخلق هو المعنى الذي بحثت عنه البشرية كثيرًا، وتطلعت إليه منذ ظهور الفلاسفة في القديم، حسن الخُلق في الإسلام من أجل وأعظم الأشياء.
حُسْنُ الخُلُق في الاصطلاح الشرعي:
طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الناس، هذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن، ومدارة للغضب، واحتمال الأذى. وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بوصية عظيمة فقال: (يا أبا هريرة ! عليك بحسن الخلق). قال أبو هريرة رضي اللّه عنه : وما حسن الخلق يا رسول الله ؟ قال : (تصل مَنْ قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك) [رواه البيهقي].
فإن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، بها تُنال الدرجات، وتُرفع المقامات. وقد خص اللّه جل وعلا نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب.
ومن صفات حسن الخُلق أن يكُف آذاه عن الناس وأن يصلح بينهم وأن يقل كلامه ويكثُر عمله وأن يكون باراً بوالديه وأن يصبر على الاذى ويشكر لله ويرضى بما قسم الله له وأن يكون حليما رقيقاً شفيقاً, لا لعاناً ولا سباباً ولا نماما ولا عجولاً ولا بخيلا ولا حسوداً بل يزرع الابتسامة في وجوه الآخرين، يحب في الله ويرضى في الله ويغضب لله، وأن يتذكر قول الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران 134].
والتحلي بالأخلاق من صفات الفطرة السليمة والعقلاء يدركون أن الصدق والوفاء بالعهد وبذل المعروف أخلاق فاضلة يستحق صاحبها الثناء والكذب والغدر والجبن والبخل أخلاق سيئة يُذم صاحبها
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال : لبيك، فلذلك أنزل الله عز وجل : {وإنك لعلى خلق عظيم}.
وعن أم الدرداء قالت : (قام أبو الدرداء ليلة يصلي، فجعل يبكي ويقول : اللهم أحسنت خُلقي فحسن خلقي، حتى أصبح، قلت : يا أبا الدرداء، ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق؟ فقال : يا أم الدرداء، إن العبد المسلم يحسن خلقه، حتى يدخله حسن خلقه الجنة، ويسيء خلقه، حتى يدخله سوء خلقه النار، والعبد المسلم يغفر له وهو نائم، قلت : يا أبا الدرداء، كيف يغفر له وهو نائم ؟ قال: يقوم أخوه من الليل فيجتهد فيدعو الله عز وجل فيستجيب له، ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه).
واعلم أن كل إنسان جاهل بعيوب نفسه، فإذا جاهد نفسه أدنى مجاهدة حتى ترك فواحش المعاصي ربما يظن بنفسه أنه هذب نفسه وحسن خلقه واستغنى عن المجاهدة، فلا بد من إيضاح علامة حسن الخلق. فإن حسن الخلق هو الإيمان، وسوء الخلق هو النفاق. وقد ذكر الله تعالى صفات المؤمنين والمنافقين في كتابه وهي بجملتها ثمرة حسن الخلق وسوء الخلق.
وإياك وأن تصاحب من ساء خلقه، الذي لا يملك نفسه عند الغضب والشهوة، ويجب أن نتذكر بأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، وأن الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل. وقد تكون للإنسان فضائل كثيرة وخلق سيء يفسد أخلاقه الصالحة كلها. وتذكر أخي عند الغضب قول الله تعالى : {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً}. [الإسراء: 53]
وبالختام فإن حسن الخلق عنوان للفلاح وطريق لإيجاد مجتمع يسود فيه العدل والأمن والتعاون على إصلاح الحياة من الفساد والظلم، ومن كل ما يشقيها ويرهقها، والسير بها إلى الأفضل.