وقد يُختلف في تعريف التخطيط، ويمكن القول بالمختصر، بأن التخطيط هو المسار الذي تحدده للسير فيه للوصول للهدف الذي تروم تحقيقه، من خلال التنبؤ بالمستقبل وفن الاستعداد له، من واقع المعطيات من حولك؛ بحيث تضع القواعد التي ترتكز عليها، والبرامج التي تشق بها الطريق، والمنهج الذي تسير عليه، وتؤمن العناصر التي تستقبل بها المستقبل حقيقة وواقع.
قصة من الواقع ...
في مساء يوم الأحد 2/8/1440هـ؛ احتفلت الجامعة السعودية الإلكترونية بزفاف (1518) خريجًا لمرحلة البكالوريوس، في مختلف التخصصات، وكذا (184) خريجًا لمرحلة الماجستير في مختلف برامج الدراسات العليا في الجامعة.
هذا الاحتفال متى بدأ الإعداد له؟
هل بدأ قبل يوم أو يومين أو شهر أو شهرين؟
أم تحقق بالصدفة؟
بالطبع لا!
فقد بدأ الإعداد له منذ ميلاد هؤلاء الخريجين، فقد بدأت أولى خطوات الإعداد في الأسرة التي قامت بتربية وتوجيه هذا الطالب، ليأخذ مساره الصحيح نحو هدف تروم تحقيقه.
ثم تطور في برنامج تعليمي رعته وزارة التعليم في مختلف مدارس التعليم العام، إلى التعليم العالي، انطلاقًا من الحضانة إلى الجامعة، مرورًا بالروضة والتمهيدي والابتدائي والمتوسط والثانوي، ولكل مرحلة خططها وبرامجها التعليمية والتربوية والتثقيفية والسلوكية والصحية، وغيرها من البرامج التي وضعت بعناية، وفق خطط مدروسة بدقة لتحقيق هدف سامي بعيد، يبدأ من وصول الطالب لمرحلة التخرج، ثم بعد ذلك تبدأ مراحل وخطط استراتيجية أخرى، مكملة للخطط السابقة لها ليكون هذا الخريج أحد ركائز بناء الوطن.
لا يمكن أن تسمع بنجاح تحقق، دون تخطيط، وتخطيط عميق ومكتمل الشروط والمتطلبات، فالنجاحات التعليمية والإدارية والاقتصادية والتنموية وغيرها من النجاحات، لم تتحقق بقفزة سحرية، أو بقوة رجل خارق، أو صدفة، أو جاءت باردة.
أي نجاح لم يكن إلا بتخطيط ورؤية ثاقبة، ومحددة الأهداف، ومسار واضح المعالم، وجهد وإرادة صادقة، لأفراد أو مجموعات وتكتلات بشرية ومؤسساتية وكيانات، وربما دول.
والتخطيط لا يتحقق إلا متى توفرت شروطه ومتطلباته، من المرونة، ووضوح الأهداف التي لا تقبل الاجتهاد، والسير لتحقيقها وفق برنامج زمني دقيق، والالتزام الدقيق بالخطط، وتوفر المعلومات الصحيحة، والاحصائيات الدقيقة، الواقعية في الأهداف المطلوب تحقيقها، والبرنامج الموضوع لها؛ بحيث تكون قابلة للتنفيذ، وكفاءة الفريق الذي يعمل على التنفيذ، مع وجود الخطط البديلة، وترتيب الأولويات، والبساطة فيها دون تعقيد حتى يفهمها ويدركها الجميع قبل بدء التنفيذ، ويشارك الجميع في تنفيذها، وإيمان الجميع بأهمية الأهداف والعمل على التغيير والابتكار والتطوير من أجل النجاح.
للتخطيط آثار بارزة في تحقيق النجاح والتغيير والتطوير، ورؤية موقعك في المستقبل اليوم قبل غدًا.
ووجود رؤية للمنظمة؛ فهي تعني النظرة المستقبلية التي تروم تحقيقها، ورؤية دون خطط استراتيجية، لن تتحقق.
ووجود أهداف للمنظمة، يعني طموح وأمل تستشرفه في المستقبل، وأهداف دون خطط استراتيجية، لن تتحقق.
وحتى تتحقق رؤية المنظمة وأهدافه، فإنه يجب أن يتشرب منسوبي المنظمة هذه الرؤية وتلك الأهداف، ويكون لديهم وعي بأهداف منظمتهم وأهدافها التي تسعى لتحقيقها، وإيمان بها، فإنه يجب أن تعمل المنظمة على تثقيفهم بذلك، حتى يحفظوها كما يحفظون أسماؤهم، من خلال التوعية والتثقيف والتدريب بكل ما يتعلق برؤية وأهداف المنظمة، وتكون همهم الذي يعملون من أجله داخل المنظمة وخارجها.
متى انتشرت ثقافة التخطيط بين فريق العمل في المنظمة، وآمنوا بها، تكون المنظمة قطعت شوطًا كبيرًا في تحقيق الخطط الاستراتيجية لها، لأن الجميع سيكونون أدوات فاعلة لتحقيقها، وسدًا منيعًا دون أي عوائق قد تلحق بها.
المعرفة والإلمام والإيمان بالخطط التي تتبناها المنظمة، تبدأ من أصغر موظف فيها، فصغار الموظفين هم المحرك الرئيس لعجلة التنفيذ، وصولاً إلى القيادات الإدارية المتوسطة والعليا، وبمتابعة المشرفين وأهل الخبرة والاختصاص بالتخطيط، انتهاءً بتحقيق الرؤية والأهداف، التي يتطلع لها الجميع، تحت نظر جهة مستقلة لتقييم مراحل تنفيذ الخطة.
مراحل إعداد الخطط وبرامجها، هي عنوان ثقافة المنظمة، والخطوات التنفيذية لها تلعب دورًا مهمًا في ضمان فرص التحسين المتاحة واكتشاف أي مخاطر والتخلص منها قبل استفحالها، لتحقيق مستوى عالٍ من النجاح، والفوز برصيد متميز من العملاء الداخليين والخارجيين.
مسؤولية إعداد الخطط، تحديد وكتابة برامجها، وإصدار الأدلة الخاصة بها، مسؤولية كبيرة، تقع على عاتق الإدارة العليا المعنية بها في المنظمة، ويشترك في المسؤولية الجميع، وإشراك الموظفين في ذلك مطلب مهم وضروري، كما أن تفعيلها وتطبيقها وفق الأدلة المعتمدة، مطلب رئيس لنجاحها.
والجامعة السعودية الإلكترونية، وهي تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة من طلابها، هي بالواقع تحتفل بنجاح خططها وبرامجها التي وضعتها لتحقيق أهدافها، الذي يمثل تخريج كوكبة من طلابها لسوق العمل أحد تلك الأهداف الاستراتيجية لها.
بدأت تلك الخطط والبرامج بتوفير الدعم الكامل للطلبة ولأعضاء هيئة التدريس وجميع منسوبي الجامعة، وتوفير بيئة تعليمية فريدة ومتميزة، ساعدت على التميز والإبداع في التحصيل العلمي، منتهجة في ذلك اتباع أعلى معايير الجودة العالمية، لتحقيق أرقى المخرجات التعليمية والعلمية والبحثية والمجتمعية، بهدف تلبية احتياجات سوق العمل، ولتكون رافدًا حقيقيًا في ميدان العلم والإدارة، بما يسهم في بناء المجتمع في مختلفة جوانبه، ويحقق رؤية المملكة 2030.
نزف التهاني لجميع الطلاب الخريجين، ولأسرهم ولكل من وقف خلفهم للوصول لهذه الليلة المتميزة، وفي الوقت ذاته نزف التهاني لمنسوبي الجامعة السعودية الإلكترونية، فردًا فردا، لتحقيق هدف من أهدافها، مؤكدين على تطلعنا لتحقيق المزيد من الأهداف والإنجازات التي وضعتها لها كأهداف استراتيجية، ووضعت لتحقيقها خطط وبرامج تنفيذية.
ولنعلم أن نجاح وإنجاز أي مهمة والتميز بها، دونه عقبات وعراقيل يضعها أعداء النجاح، محاربي التغيير والتطوير والإبداع، ولا يصمد فيه إلا المثابر والقادر على الثبات وتحقيق النجاح.
وتظل الجامعة السعودية الإلكترونية صرحًا علميًا وإداريًا يسعى للتميز والإبداع والتخطيط والجودة وتحقيق الأهداف الشامخة.