أ.فهد حمود الرميح
إذا كنت ذات يوم تناقش صديقك حول أي اهتمام مشترك أو غير مشترك ترغبان وتودان بلوغ نتيجة مثمرة لهذا النقاش من خلال وصولكما لحقيقة قطعية الثبوت في هذا النقاش تزيل الغشاوة لدى أحدكم عن حقيقة الموضوع ولأجل ذلك لا بد من أن يستخدم أحدكما وسيلة إقناع فعالة ترفع الأحكام و الأفكار المسبقة على موضوع النقاش، ولكــن إقناع الشخص الواعي ليس بالهين أو السهل لكي تقوم بتمرير المعلومات الذي ترغبها وتحجب الذي لا تودها ، فالعقل يتسمد قوته من الواقع الذي يعايشه ويكره أي معلومة تخالف ما يراه في نمط حياته اليومية .
بحيث أن الشخص يتجه إلى أساليب وطرق عديدة لإقناع الطرف الأخر ، ودائما وأبداً يضحكون عليناً بأن لغة الأرقام لا تكذب في لغة العموم ، لكي يتم إقناعك بدون أي محاولة بسيطة منك للجدال حيال هذا الأمر، وكما أنها أصبحت حجة وبرهان لدى البعض في أي حوار أو نقاش بل أصبحت سبيلا للخروج منتصرا لمن يستخدمها ولو افترضنا وسلمنا بذلك فهي صحيحة في رقمها لكنها ليست دليلا ولا مقياسا على امتياز أو تفوق أو أفضلية ذاك على هذا لكون الوقائع و الأشخاص ليست واحدة ، وغالباً ما يمارسون هذا النوع في مجال الإنجازات والعطاءات الذي تحقق على المستوى الشخصي والمهني لتضليل المستمع وإيهامه بأن لغة الأرقام هي لغة صادقة لامجال للريب فيها أو حتى العبث في تفاصيلها،
ولكن إذا أمعنا النظر قليلاً إلى ماذا تخبى هذه اللغة في ضلالها من متغيرات تثير الشكوك والحسرة على فقدانها لجوهر الحقيقة والمصداقية ، وتدعيماً لما أتحدث عنه فعندما يحصل شخص أو مجموعة على جوائز عديدة وتتكرر لكي تصبح " رقماً " يذكر في كل زاوية ويصدع في المحطات والقنوات وينشر بالمدونات والمواقع ، فعندها يجب أن نتوقف لنعرف الحقيقة الكامنة خلف هذا " الرقم " ، فلربما أتى من تزوير للحقائق أو تلاعبات بالنتائج أو عمليات التدليس وخلافه ، كانت المفصل الرئيسي في نشوء هذا الرقـــم المخيف .
وأنا هنا لا أعمّ على أن لغة الأرقام هي لغة غير صحيحة ولكن ليست كاملة لكي يتم الإقناع بها ، وأنه يجب علينا أن تتوقف عقولنا وحواسنا وقدراتنا عندما يتم المجادلة بها وأن نقف صامتين بدون أي حراك، وعندما نقوم بأي مساجلة مع الطرف الأخر ينبغي علينا إضافة الأدلة والبراهين وكذلك الوثائق لتدعيم أحاديثنا وأقوالنا بدون شكوك أو ريبة تمنعنا من الوصول إلى ما نريده ونطمح إليه .
ونهاية ما أصبوا لإيصاله من هذا المقال هو بأن التركيز على الأرقام دون النظر و التدقيق في مضمونها لكونها صادقة لا تكذب ولا تخطئ هو أمر ليس من المنطق بشيء وفيه من تغيير وتدليس للحقيقة فالأرقام لغة شأنها شأن المعلومات والبيانات تحتمل الصحة و الخطأ.