نحمل هم العناية بصحتنا، ونعتقد بأن صحتنا متوقفة على مراجعة الطبيب، ولياقة أجسامنا مرتبطة بالاشتراك في نادي صحي!
ومراجعة الطبيب، والانتظام في النادي، يتطلب وقت فراغ!
ووقت الفراغ يتطلب إجازة من العمل!
والإجازة من العمل تتطلب إنجاز المهام!
وإنجاز المهام يتطلب ويتطلب ويتطلب!
وهكذا نربط الأمور ببعضها للخروج بعذر مقبول لنا لإهمالنا في صحتنا، وهذا بالطبع أمر غير مقبول جملة وتفصيلا، فالصحة أولاً، فبدون الصحة لن نتمكن من البقاء في مكاتبنا لأداء مهامنا الوظيفية؛ بل سنضطر مرغمين على تركها وملازمة الأسرة البيضاء، وعلى أقل تقدير ملازمة سلسلة ما لا نهاية من المراجعات والأدوية والبرامج العلاجية!
نعم نضطر للجلوس على مكاتبنا لفترات طويلة جدًا خلال اليوم الوظيفي، على اختلاف المهن، فغالب الموظفين يمارسون أعمالهم وهم جلوس على مكاتبهم، خصوصًا عندما أصبحت إدارة وأداء الكثير من الأعمال والمهام الوظيفية ومتابعتها تتم من خلال البرامج والتطبيقات وأجهزة الحاسوب، مما يجبر الجميع على الجلوس لفترات طويلة دون أي حركة (حركة إيجابية للصحة).
والجلوس لفترات طويلة قاتل بطيء للإنسان، وهذا لما يسببه الجلوس من أمراض وآثار سلبية وخطيرة على الصحة، تؤدي إلى آلام الظهر والرقبة، وأمراض القلب، وتجلط الأوردة العميقة، وزيادة محيط الخصر، وزيادة الوزن، ومستويات غير صحية في مستوى سكر الدم، وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان وغيرها من الأمراض – عافانا الله وإياكم من كل داء وعله –.
ويظن الغالبية بأن القيام بأي حركة (صحية) غير ممكن وهو جالس على مكتبة، وهذا غير صحيح وخلاف الواقع، وهذا الظن وللأسف أثر سلبًا وبشكل كبير جدًا على صحة الكثير من الموظفين، لعدم ممارستهم أي حركة أو رياضة نافعة تساهم في الحفاظ على صحتهم وسلامتهم من الإصابة بأي أمراض وأزمات صحية.
بإمكان الموظف والمدير والقائد، والمبرمج، والمحاسب، والمهندس، والمصمم والكاتب، وغيرهم ممن يمارس مهام ووظيفته وهو جالس على مكتبه، أن يمارس عدد من التمارين الصحية، دون الاحتياج لأي أجهزة وتجهيزات، من خلال إعطاء النفس قسطًا من الراحة لا تتجاوز (عشر دقائق كل ساعة)، لممارسة بعض التمارين الصحية التي تساهم وبشكل فاعل على سلامته، وأداءه وزيادة إنتاجيته، ومن هذه التمارين على سبيل المثال لا الحصر:
السير داخل المكتب، بحيث يقوم الجالس، بممارسة السير في المكتب، أو نفس المكان، وهذا سوف يعمل على تنشيط الدورة الدموية، وكذلك يعمل على التخلص من التوتر، مما ينعكس إيجابًا على نفسيته، ويعمل على رفع قدرات التركيز وتنشيط الذاكرة والاستيعاب، ويقلل من نسبة الكوليسترول الضار، ويزيد من نسبة الكولسترول المفيد، وغير ذلك من الفوائد.
الوقوف المتكرر من حين لآخر، وذلك لتلافي الأضرار التي يسببها الجلوس المستمر، وتغيير شكل الجسم، بتحريك الجسم؛ من خلال تشبيك اليدين ببعضهما، وتحريك الجسم يمينًا ويسارًا، وشد الجسم والضغط على البطن "تمغط" وهذا يزيد من مرونة العضلات، والحركة، وتمنع حدوث إصابات في العضلات وشدها، ويجعلها دائمًا في وضع صحي، ورطبة ومستعدة.
تدريب القدم، من خلال الوقوف على قدم واحدة (بالتناوب بين القدمين) ومد الجسم أكثر من مرة، وتكرار العملية مرات عدة.
تمارين العينين، من خلال تحريكها إلى الأعلى وإلى الأسفل، واليسار واليمين، وذلك لإعطائها فرصة للراحة من الإرهاق الناتج عن طول النظر للحاسوب وغيرها من الأجهزة التي تساهم في إجهاد العين وإرهاقها.
إن الجلوس لفترات طويلة على المكاتب، قد يكون نمط الكثير من الموظفين والموظفات، وغيرهم ممن يمارسون الجلوس بكثرة لإنجاز أعمالهم، سواء في المكتب أو البيت؛ فهو النمط السائد، وهذا يسبب العديد من المشاكل الصحية، ويمكن تجنبها بالقيام ببعض التمارين السهلة والبسيطة والسريعة المهمة للصحة، التي لا تتطلب مغادرة المكتب؛ بل تطلب أن يستغل كل فرصة تحين له للتحرك وممارسة تلك التمارين، من خلال تحريك الجسم يمنة ويسرة، والوقوف على القدمين، وشد الأرجل واليدين والبطن، وغيرها من التمارين الخفيفة التي تساعد على بقائه بعيدًا عن الإصابة بالتوتر والإرهاق، وتساهم بإيجابية في تلافي أي أضار صحية أو أمراض مزمنة وغير مزمنة، ويكون المكتب منطلق إنجازات وإبداعات، وحاضن للصحة والسلامة.
وتظل الجامعة السعودية الإلكترونية صرحًا علميًا وإداريًا وطبيًا، وبيئة صحية حاضنة للصحة والسلامة.