"الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب ربنا وترضى، ربنا وربك الله".
نحمد الله – سبحانه وتعالى – أن سلمنا لرمضان، ونسأله أن يسلم رمضان لنا، ونرجوه – جل في علاه – أن يتسلمه منا متقبلاً، وأن يمتعنا بأيام شهر الخيرات ولياليه بالهدى والتقى والثبات على الحق.
شهر رمضان تتوق الأنفس إليه حبًا وشوقًا، لما فيه من النفحات الإيمانية، والخير العظيم الذي لا يعلمه إلا الله – جل جلاله – من مضاعفة الأجور وزيادة المنح الربانية، والمغفرة والعطايا من لدنه – سبحانه وتعالى –.
شهر رمضان يستعد لاستقباله أبناء الأمة الإسلامية في أصقاع المعمورة، وما أروع استقباله بالتوبة الصادقة من جميع الذنوب والمعاصي، والعزم على ترك الآثام والسيئات، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، والتقرب إلى الله بكل ما يحب ويرضى من الأعمال والأقوال، الظاهرة والباطنة، كختم القرآن قراءة وتدبرًا، لا مرة واحدة؛ بل عدة مرات، والإقبال على فعل الطاعات والخيرات لكسب مزيد من الحسنات، بحسن معاملة الناس، والصبر على أذاهم، والتخلق بخلق القرآن، طمعًا في التبدل من حال إلى حال المؤمن العابد، والثبات عليها بعد شهر رمضان.
خسر شهر رمضان من استعد له بالاستمرار على المعصية، والتخطيط لموائد الإسراف والتبذير، والبرامج الهابطة.
شهر رمضان فرصة حقيقة وثمينة لنا متى استثمرناه استثمارًا يليق بمكانة هذا الشهر العظيم.
شهر رمضان فرصة لتهذيب النفوس، وتربيتها على الصبر وكل أمر جميل.
شهر رمضان فرصة لمراجعة النفس وتصحيح ما وقعت به من الأخطاء.
شهر رمضان فرصة لننزع الحقد والغل من صدورنا.
شهر رمضان فرصة أن نطرق أبواب الرحمة والمودة، فنكون متحابين بالله فيما بيننا، ونغرس أزهار الود والمسامحة والتسامح في كل مكان نكون فيه.
شهر رمضان فرصة لكبح جناح النفس الأمارة بالسوء، والزامها طريق الحق والصواب، ولملمة شتاتها وتيهانها بإيرادها مواطن الخير والهداية والرشاد.
شهر رمضان فرصة لتطهير القلب من الأضغان، وتنقية الجوارح من كل الشوائب التي علقت بها، تنقية اليدين من الدنس، واللسان من الغيبة والنميمة والكذب والفحشاء وقول الزور، والعينين من المجون والنظر إلى الرذيلة، والأذان من سماع كل صاخب محرم، والتخلص من كل الموبقات ومفسدات الصوم الواردة من الجوارح.
مصيبة أن يكون نصيبنا من الصيام الجوع والعطش، والحر والتعب والنصب، فالصيام هو المسارعة للخيرات وفعل الطاعات، والبعد عن المحرمات والموبقات والفواحش والظنون السيئة الخبيثة، والحرص في هذا الشهر على زراعة أطيب الأغصان المثمرة؛ لنجني الثمار اليانعة في جنة عرضها السماوات والأرض.
المزارع الكيس الفطن هو من يحافظ على ما بذر وزرع طوال العام، للحصول على أطيب الثمار وأنفسها، وفي الوقت نفسه يحافظ على مزرعته من العبث وحمايتها من وصول السوس والحشرات المهلكة للزرع والثمر.
ما أجمل أن نستقبل شهر رمضان بالفرحة والسرور والاغتباط وشكر الله – عز وجل – على نعمة بلاغ شهر رمضان، لنكون من المتنافسين فيه لصالح الأعمال، بنية صالحة وعزيمة صادقة وهمة عالية.
أسأل الله لي ولكم الإخلاص في القول والعمل، وأن يعيننا جميعًا على صيام هذا الشهر المبارك وقيامه، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال فيه، وأن يجعلنا ووالدينا من عتقائه من النار.
ويظل شهر رمضان رمز للجد والعمل والنجاح وتحقيق النصر للأمة من بدر إلى قيام الساعة.