د. عبدالله بن سافر الغامدي
يا راعي الطيب. الطيب كنه شابك أيديه بايديك إن كان له صاحب فهو صاحبلك. فهذه مقالة مستلة من خواطر بثثتها، وكلمات نشرتها؛ عن رجال عرفتهم، وشباب جالستهم، رأيت سلوكهم، وشاهدت نشاطهم، وتابعت حراكهم، فكانوا بيننا في أجمل هيئة، وأفضل سيرة، وأميز صنيعة. أخلصوا النيات، وتسابقوا للمكرمات، وتنافسوا على أعالي الدرجات، فحازوا على مجد تليد، وخير كثير، ولهم في الآخرة مقام، وفي قلوب الناس منزل ومقدار. ومن مشى بالطيب تذكر مناقبه، وتورد محاسنه، فلعلنا نكون مثلهم، أو نتشبه بهم؛ إن التشبه بالكرام فلاح. ***** فهذا شخص جليل القدر، يصلح أن يكون نبراساً وقدوة، تراه نير العقل، واسع الفهم، كثير المعرفة، تجد في مجلسه التسلية والطرافة، والحكمة والفائدة. يعمل بجولاته الثقافية على حقن أوردتك بحب القراءة، ويدفعك إلى الإطلاع والمدارسة. حبة خشم ما تنعطي كل رجال خذها وفا مني لحضرة جنابك. ***** وهذا نموذج نبيل؛ لشاب رحيب النفس، واسع الصدر، طلق الوجه، جميل المظهر، تجده ينساب كالماء هدوءاً وسكينة، ويهب كالنسيم لطافة ورقة. تشاهده هنا وهناك؛ ينثر شذى البساطة، وعبق اللطافة، وأريج البشاشة. الشمس تولد يالضيـا فـي محيـاك وتموت لا من غاب عنها شعاعـك. ***** وهذا شخص ودود خلوق، تراه جميل المخبر، لطيف المعشر، عذب اللسان، أعذب من الماء عند الظمآن. ينساب منطقه رقة وعذوبة، ويبث لسانه أجمل الحروف الصافية، وأعذب الكلمات النقية، إن قال قال، ويتبع القول بأفعـال. أكبر فخر للناس إنك من الناس وأكبر فخر للأرض ممشاك فيها. ***** وهذا رجل زاهي وزاكي؛ تشرب ثيابك العطر لحظة ظهوره؛ فهو ليّن الجانب، سليم الصدر من الغل والضغائن، لسانه أرفق من يد الطبيب، ومنطقه أرق من الديباج. لا يعرف الكلمة النابية، ولا العبارة الفجّة، ولا الجملة الرديئة . الطيب لأفعال الرجاجيل مقياس وأنت القياس لطيب فعل الرجاجيل. ***** وأما الصديق الآخر؛ الطيب الجاذب؛ فهو صاحب كيان مشع بالبياض، ووجدان به ربيع واخضرار، تراه ظريف لطيف، أمين عفيف، له بهاء وجمال، وصفاء ونقاء، ونبل ووفاء. على محياه ابتسامة دائمة، وبينه وبين الكبرياء المذموم عداوة، جمع المكارم كلها، واستولى على المعالي أجمعها. الـورد يهـدى مـن وفـا النـاس للنـاس إلا انـت غـيـر الـنـاس نهـديـك لـلـورد. ***** كذلك هناك الصاحب المحترم؛ حميد الصفات، طيب السمات، جليل النفس، رفيع القدر، عظيم المنزلة، له سلوك مستقيم، وخلق نبيل، وفكر منيع، وذوق رفيع. تراه قمة في التواضع، قمة في الأدب، قمة في التعامل، وقمم متراكمة؛ لا تستطيع التفريق بينها، ولذلك يتسلل بسرعة إلى قلبك، ويأسره أسراً. إذا حضر في الجمايع كنّه الليث وإن غاب مثل المطر يحترونه. ***** أما الإنسان المحبوب، المطلوب المرغوب؛ الذي يزاحم دمك داخل عروقك، فله روح وثابة، وعزيمة مقدامة، وكفاءة عالية، وقدرات راقية. ينشر الخير والنور، ويخدم القريب والبعيد، ويدعو للخلق النبيل، والفكر الرفيع، والعمل الجليل، فهو كالشمس لا تكف عن الإشعاع. جيت افتخر شفت الفخر يفتخر بك جيت أوصفك شفتك عن الوصف أكبر. ***** فالشكر لك على مثلك وشرواك، والشكر لك على طيبك، وزينة خصالك، والشكر لك على طبعك، وباقي خلالك. وعسى الفرح في دنيتك دايم الدوم، وعسى البلاوي والمصايب تعداك.