اليوم الوطني.. عطاء وإنجازات
لا شك أن الذكرى الخامسة والثمانين لليوم الوطني هي ذكرى غالية جداً على كل مواطن نشأ وترعرع في هذا الوطن الغالي، وهو يوم له معانٍ في نفوسنا كسعوديين، ففي هذا اليوم أتم الملك المؤسس رحمه الله عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود توحيد المملكة العربية السعودية، وقد سبق يوم 23 سبتمبر 1932م، سنين من الكفاح والعمل الدؤوب للوصول إلى هذه اللحظة التاريخية والمجيدة، ليس فقط بالنسبة للشعب السعودي، بل على مستوى الشعوب العربية والإسلامية، حيث استطاع هذا القائد المؤمن الفذ أن يوحد خمسة أقاليم (الوسطى والغربية والشرقية والشمالية والجنوبية)، المتفرقة والمتناحرة في كيان سياسي اجتماعي واقتصادي واحد، وعلى كتاب الله وسنة رسوله كدستور لهذا الكيان، وليسود الأمن والاستقرار، وإعلاء كلمة الله ونشر العلم والحضارة والتنمية المستدامة هو المملكة العربية السعودية، الدولة الحاضنة والراعية للحرمين الشريفين، في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وراعية لمصالح العالمين العربي والإسلامي، ولتصبح من الدول الرائدة في العالم، سياسياً واقتصادياً وإنسانياً.
ومنذ ذلك التاريخ انطلقت واستمرت مسيرة العطاء التي رسم معالمها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، وليكملها من بعده أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمهم الله جميعاً، وليواصلوا مسيرة البناء والعطاء في كافة المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية والصحية والتعليمية، وتطوير كل الخدمات التي يحتاج لها المواطن في هذا البلد المعطاء، فتم إنشاء المدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات وكل مفاصل التنمية، للتتحول صحاري السعودية إلى مدن ومراكز حضارية يقصدها الناس للعلم والعمل ومن كل أصقاع المعمورة وليصبح اسم السعودية ورايتها خفاقة في كل أرجاء الأرض تساهم مع باقي دول العالم في التنمية وخدمة الإنسان.
تمر ذكرى اليوم الوطني الخامس والثامنون، والمملكة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً بويع من شعبه، ليكمل مسيرة بناء هذا الوطن، على كتاب الله وسنة رسوله، وهو الذي قال: إن "نهج المملكة لن يتغير، وسوف أسير على نهج المؤسس ومن سبقني من الملوك"، لذلك الجميع بارك وبايع الملك سلمان بن عبدالعزيز، فهو من مدرسة المؤسس رحمه الله، وكان قريباً من جميع الملوك الذين سبقوه، وأميراً للرياض لأكثر من 50 عاماً، وله علاقات محلية وإقليمية ودولية متميزة، ولذلك منذ اللحظة الأولى وضع نصب عينيه مصلحة الوطن والمواطن، من خلال تعزيز قدرات البلد وتنمية المواطنة، وتحقيق الرفاهية للجميع، فقام بضخ دماء شابة بغية تحقيق أقصى درجات النجاح في التنمية ومضاعفة النجاحات، وأصدر أوامره الملكية بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، وهو قرار لقي ترحيباً من المواطن، وتهنئة من الدول الصديقة الحريصة على مصلحة المملكة، وكان لطمة قوية في وجه المشككين في مستقبل هذا البلد، ولتكون رسالة قوية للعالم مفادها أن هذا البلد وجد ليبقى وليستمر في العطاء والتطور والتنمية.
إن خدمة حجاج بيت الله الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، هي شرف تحظى به المملكة العربية السعودية، فخدمة الحرمين الشريفين وأمن الحجاج وراحتهم، والاهتمام بهم وتوفير سبل الراحة لهم، من خلال التوسعات الضخمة والمتلاحقة لبيت الله الحرام، ولمشاريعه التطويرية العملاقة كمشروع منشأة الجمرات، ومشروع قطار المشاعر والحرمين، ومشروع توسعة المسعى، لتكون نقلة نوعية كبرى في الطاقة الاستيعابية، حيث سيستوعب أكثر من(1.500.000) مليون حاج، وكذلك مشروع توسعة المسجد النبوي، ليستوعب نحو (2.800.000) مليون مصلي، إضافة إلى إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف لتوزيعه على مستوى العالم بالمجان.
كما إن الذكرى (85) لتوحيد المملكة تمر اليوم، لنستلهم منها الدروس والعبر، فقطاع التعليم حظي باهتمام كبير جداً من قيادة هذا البلد، فمنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تميز بنقلات وقفزات قوية كمية ونوعية، حيث بلغت ميزانية التعليم لعام 1436-1437ه إلى ما يقارب (217) مليار ريال أي ما يعادل ربع الميزانية العامة للدولة بعد قرار دمج وزارتي التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي تحت مظلة وزارة واحدة سميت (وزارة التعليم) والذي سيحقق الكثير من استمرارية التعليم، وسيحل الكثير من الأمور ذات الأثر السلبي في القطاعين، ويعكس الأولية التي توليها قيادة هذا البلد للتعليم.
أما دولياً فتمر هذه الذكرى والمملكة تحتل مكانة مهمة ومميزة في المنظومة الدولية من خلال مشاركتها الفعالة وانضمامها للعديد من المنظمات والدولية الإقليمية، فهي عضو في هيئة الأمم المتحدة وعضو في مجموعة العشرين الاقتصادية، وعضو في منظمة أوبك وعضو في منتدى الطاقة الدولي، وغيرها من المنظمات الدولية، وهو مؤشر على الأهمية التي تحظى بها المملكة في المحافل الدولية، أما إقليمياً فلها مكانتها العربية والإسلامية، فهي عضو مؤسس في جامعة الدول العربية وعضو مؤسس في مجلس التعاون الخليجي ومقره الرياض، وعضو مؤسس في مؤتمر العالم الإسلامي ومقره جدة، ولذلك المملكة لها دور قيادي وريادي في القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني، وكذلك موقفها المؤثر والحاسم من قضية الشعب اليمني، وتلبيتها لاستغاثة رئيسه الشرعي عبد ربه منصور هادي وشعبه، فاستجابت المملكة بسرعة وحسم فشكلت تحالف عربي عسكري وبتأييد إسلامي ودولي حيث أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - عاصفة الحزم التي أوقفت بحزم النفوذ الإيراني في الجمهورية اليمنية الشقيقة.
تمر ذكرى اليوم الوطني الخامس والثمانون والمملكة في مرحلة جديدة، وهي استمرار للمراحل السابقة، ولكن في ظروف ومعطيات جديدة، فالمملكة تقود إعادة الأمل في اليمن، بعد أن أنهت عاصفة الحزم القوية والحاسمة، وذلك لمنع التمدد الإيراني في اليمن وغيره من الدول العربية الأخرى، ولتكون نقطة تحول في التاريخ العربي الحديث، ونصرة الشعب اليمني لم تتوقف على الجانب العسكري، بل تعدته إلى الجوانب الإنسانية، فقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله –بإنشاء وتدشين "مركز الملك سلمان للإعمال الإغاثية والإنسانية" وهو مركز دولي رائد، بدأ لإغاثة اليمن الشقيق، ليشمل بعدها الدول الشقيقة والصديقة والمتضررة والمحتاجة لمد يد العون لها، وتخصيص مبلغ مليار دولار للمركز دليل على ما يوليه الملك سلمان من اهتمام بالغ بالعمل الإغاثي والإنساني، ورسالة واضحة للعالم مفادها أن المملكة عنوان للسلم والسلام والحرص على رفع المعاناة ومساعدة الشعوب والمجتمعات المتضررة.
كما ان موقف خادم الحرمين الشريفين من إغاثة الشعب السوري هو محل تقدير من كل الشعوب العربية والإسلامية، فهو دائماً مع الشعوب العربية والإسلامية في سرائها وضرائها، وهو مناصر الشعب الفلسطيني منذ نكبته عام 1948م، والوثائق تثبت ذلك.